#حكاية مدينة البلسم الشافي
في هذا القسم سأقوم بنشر مقالات مختارة من الفيس بوك بدون أي تغيير أو تعديل فيها لتسهيل انتشارها على محركات البحث ورفع امكانية ايجادها
من الحكايا التي روتها لي جدتي أيام الطفولة
شد أحد الفتيان الرحال مع قافلة قاصدا مدينة "البلسم الشافي" باحثا عن دواء ل أمه العليلة
في الطريق تجاذب أطراف الحديث مع أحد العبيد ( لعله يجد عنده كلاما غير كلام الوجهاء المنمق )اللذين يحملون متاع تلك القافلة . حذره ذاك العبد من البحث عن الحكيمة التي نسجت حولها أساطير عن قدرتها العجيبة على شفاء أي علة أو مرض ف كثيرون هلكو و هم يبحثون عنها
شكر الفتى نصيحة ذاك العبد . لكنه إزداد إصرارًا على العثور عليها لعلها تشفي أمه
سارت القافلة أيامًا و الفتى يسأل كل من يمر بهم عن تلك المدينة . منهم من ينكر معرفتها و منهم من يحذره . ظل على هذه الحال طول الطريق . بلغت القافلة وجهتها ف أكمل الفتى المسير وحيدا . هام على وجه إلى أن قادته الأقدار
ل مدينة لها أسوار عالية عليها أقفال ذهبية و لكن لا وجود ل أثر يدل على وجود البشر فيها . االساحات فارغة و البيوت مبعثرة الأثاث
تجول ب أزقتها الموحشة غير أنه لمح تماثيل ل للرجال فقط . أنتهي به المسير إلى بوابة موصدة عكس أبواب البيوت الأخرى
طرق مرة واحدة فـ أنفتحت عن حدائق غناء تسلب اللب
سار بين بساتينها على غير هدى حتى وقعت عيناه على فتاة
أية في الجمال تداعب ب قدميها جريان المياه ب احدى الجداول العذبة
إقترب منها بحذر مخافة أن يقطع عليها خلوتها .. أو تفر منه إن هي رأته
لمحته الفتاة ف لم تنزعج بل اشارت اليه ب الإقتراب
دنى منها سألته ما الذي أتى بك إلى هذا المكان ...حدثها عن مرض أمه الذي أعجز الأطباء و شكى اليها سوء حالها و عن الحكيمة التي تعالج كافة الأمراض
قالت لا تحزن ف دوائها عندي (إستغرب الفتى من كلامها . و فكر : أيعقل أنها الحكيمة التي سمع عنها . لكنه إستدرك : يستحيل أن تكون هذه الفتاة التي لم تتجاوز ربيع العمر حكيمة الأسطورة )
شك الفتى ب كلامها و أراد ان يكشف صدقها من كذبها . سألها ما حل بهذه المدينة و ما قصة التماثيل و اين ذهب سكانها و ماذا تفعل فتاة مثلك وحدها بهذه المدينة المشؤومة
حدقت اليه ب غضب أجئت باحثًا عن دواء ل أمك أم لك غاية أخرى
توجس منها و أجابها : لا غاية لي سوى شفاء أمي
قالت له : إتبعني مشى معها فقادته الى قصر يتربع على ما يقارب نصف المدينة . دخلت قبله و تبعها و هو محتار في أمرها
أخرجت من أحد الصناديق العتيقة قطعة من الحرير الذي طرز بـ أبهى الألوان
ثم قالت إنقعه ب مستخلص القرنفل و أجعله على جبين أمك و ستبرأ من علتها
أخذه و مضى . شكرها و هو يخفي خوفه منها و من الغموض الذي يحيط بها
أسرع ب مغادرة تلك المدينة فقد جزم أنها ساحرة أو شبح . و من الحكمة أن يبتعد قبل أن يطاله شر منها ..
و بينما هو سائر في طريق الإياب
حام حوله طائر ب سواد الليل ف تخطف منه ذاك الوشاح الذي وهبته اياه دواء . أسرع خلفه ل يسترده منه لكن الطائر حلق مبتعدًا و توارى ب الأفق
تملكه الحزن و افترسته الكآبة (و هو يردد ماذا لو صدقت تلك الفتاة و كان ذاك الوشاح علاجًا ) تذكر وجه أمه الشاحب و أنينها ف تشجع و قرر أن يعود إليها و ليحدث ما يحدث المهم أن تشفى أمي
عاد اليها منكسرًا لعله يجد عندها البدل لما ضاع
لكن هذه المرة وجد الأبواب مغلقة
طرق الأبواب و ما فتح له منها اي باب
حزن ل إستهتاره و ضياع ما يضنه علاجا ل أمه
قضى اياما و هو ينتظر تلك الفتاة لعلها تعود ..
فقد الأمل و رجع ل أمه خائبا مكسور القلب
دخل على أمه و قبلها و أخبرها بما حدث معه . واسته أمه و قالت له : لا تحزن يا بني فقد بذلت جهدك
إعتكف بالمنزل لا يخرج الا للضرورة . تعهد امه بالرعاية و قلبه يعتصره الألم و هو يشاهد أمه تذوي و هو لا يملك أن يخفف عنها
في أحد تلك الأيام المشؤؤمة لمح ذاك الطائر الأغبر و هو يحمل بين مخالبه شفاء أمه و الغريب أنه حط ب سطح منزله
صعد الفتى السطح و تسلل و غافل الطائر و أمسكه
.. لم يصدق عينيه حينما امسك ذاك الوشاح الذي وهبته اياه حسناء تلك المدينة
و ضعه على جبين أمه مثلما قالت له لعله يخفف بعض الامها لكن لم يحدث شيء
تسائل هل كذبت عليه .. هل هو من نسي طريقة العلاج .. أم انها مجرد أسطورة
قصد الطائر الذي استودعته القفص ل يتفحصه لعله يجد معه سرًا يبدد حيرته
نظر اليه ف وجده قد استحال طائر بديع الجمال على عكس صورته الاولى
تعجب الفتى من ذالك التغير الذي حدث ل الطائر
تأمل الطائر مطولا ثم رق قلبه و قرر أن يطلق سراحه
بالرغم من فعلة الطائر (سرقة الوشاح اول الأمر ) إلا أن الفتى أشفق عليه و سائه أن يحرمه من حريته ... ف أطلقه .. غير أن الطائر لم يحلق بل رفرف ب جناحية و حط ب قرب أم الفتى ف اذا بريشه يتناثر ك اوراق الخريف و إذا ب الحسناء التي اهدته ما ظنه شفاء تظهر من بين ذاك الريش المتناثر
قال لها و الدهشة أخذت منه تعقله ما كل هذا الذي يجري معي
قالت اهديتك ما تعتقده بلسما ل علة أمك .. ثم سلبتك اياه .. ثم مكنتك من الجاني ..
لـ أرى فعلك بمن أذاك ... و حينما صفحت عن الجاني أدركت أن لك قلبا طيبًا .. هنيئا ل أمك ب ولد بار مثلك
أما سؤالك عن المدينة و التماثيل و عني
ف أنا إبنة الحكيمة التي نسجت حولها الأساطير . ماتت أمي و أخذت عنها الحكمة
أما التماثيل ف هي ل فتيان طمعو في الكنوز التي تحويها مدينتي . أنا من حولتهم ل حجارة
أما المدينة فهجرها سكانها خوفًا مني
هذه أجوبة أسئلتك
شكرها الفتى و عذر قسوتها التي جعلتها لا تثق ب البشر
مضت بعد أن وهبته بعض العقاقير التي أحضرتها معها و لم تمضي أيام حتى إستردت الأم عافيتها و ذهب عنها المرض دونما رجعة .
إنتهت .
تعليقات