#حكاية لن أدفع لك أجرة .. خذ ما تجده

أعد العدة ل السفر .. ودعته أمه ب دمع مقلتيها .. أما والده ف كتم حزنه على فراقه و قال له : لا يقاس الرجال إلا ب سفر طويل يكشف معدنهم أهم من زجاج يتهشم أول الطريق أم من ذهب لا يخبو بريقه أبدا .

امتطى حصانه و مضى ل يجرب حظه في هذه الدنيا ...

هذا ما كان من ذاك الفقير الذي ركب المجهول لعله يغنم ما يدخل السرور على قلبي والديه

قطع الفتى المروج و القفار .. طال أعالي الجبال و هوى إلى الوديان السحيقة .. مر ب قرى متواضعة و ب ممالك الملوك و السلاطين .. نال التعب منه و لم ينل من عزيمته ..

إستراح ب قرب بئر تتوسط غابة كثيفة الشجر لا يكاد يتسلل إليها شيء من نور الشمس .. أخرج من كيسه بعض الخبز الذي أعدته له أمه ب كل محبة .. تناول بعضه و إدخر معظمه ف هو لا يعلم كم س تطول رحلته ..

أرسل الدلو إلى قعر البئر لعله يستخرج منها شربة ماء تروي عطشه .. غير أن البئر إهتزت و تداعت على إثرها جدرانها و تساقطت الأشجار المحيطة بها .. ل يخرج منها شيخ تكاد تطال هامته السحاب و أقدامه راسخة ب باطن الأرض .. تسمر الفتى في مكانه و عقد هول المنظر لسانه ف لم تخرج من صدره صرخة المرتعب ..

ظن ذاك الشيخ أن ل الفتى شيء من الشجاعة .. تقلص و تقلص حتى أصبح ب حجم الإنسان الطبيعي ثم سأل الفتى ما جاء بك إلى هذه الديار .. لما ذهب الخوف عن الفتى و تمالك أعصابه قص عليه حكايته إختصرها ب قوله : أنا من عائلة فقيرة لا تنال قوتها إلا ب مشقة .. خرجت طالبًا عملاً يدفع عنا الفقر ... أجابه الشيخ : إن رضيت أن تذهب معي إلى منزلي أعطيتك عملاً لكني :

لن أدفع لك أجرة .. بل خذ ما تجد ...

وافق الفتى و سار معه إلى أن بلغا كوخًا ب قلب الغابة ... استقبلتهما ابنة الشيخ .. رحبت ب الفتى و بددت توجسه و خوفه .. قدمت إليه أطيب طعام يمكن أن يتذوقه في حياته .. تناول الفتى طعامه ثم أعدت له الفتاة حوضين من الماء أحدهما يغلي و الأخر مائه متجمد و خيرته في أيها تريد أن تستحم ..

إختار الفتى الحوض المتجمد مجبرًا ف الحوض المغلية مائه س تؤدي إلى موته حتمًا .. قالت له الفتاة : خانتك الحكمة ف لقد مات الكثيرين في هذا الحوض المتجمد ف إن أردت نصيحتي ف إختر الحوض المغلية مائها و س تغنم و تنال ما تريد ..

لم يطمئن الفتى الى كلامها لكنه قرر ان يجازف و ليحدث ما يحدث ف ان مات لم يأسف على حياة الفقر التي كان يحياها و ان كتبت له النجاة لربما غنم شيئًا مما وعدته تلك الفتاة .. نزل الفتى الى الحوض المغلي ف لم يحدث له شيء و لكن عندما خرج و نظر إلى وجهه في المرآة لم يعرف نفسه ف قد أصبح أجمل من صورته السابقة ب عشر مرات ..

أسرع الى الفتاة ل يسألها عن سبب ذلك التحول ف اخبرته أنه حوض سحري النازل فيه يزداد وسامة و النازل في الحوض الاخر يزداد بشاعة .. و ما دمت قد عملت ب نصيحتي س أسر لك ب سر عن أبي تجهله : إن أبي يتربص ب تلك البئر و يخطف البشر التائهين و يحولهم الى عصافير و يحملها ب اول يوم من السنة الى مدنهم و قراهم و يعرضهم على اهلهم فمن عرف ولده .. شقيقه .. والده ... عفى عنه و اعتقه و وهبه قدرة سحرية و ان لم يتعرف عليهم احد سجنهم هنا عندي ب هذا الكوخ الى ان تنقضي آجالهم

أوصت الفتاة الفتى يوم لقائه ب والده و هو في هيأة عصفور أن يدنو من والده من جهة اليمين و اما هي س خبر والده و تدله عليه .. جاء ذاك اليوم المنتظر و حمل الشيخ الفتى (و هو في هيأة عصفور ) مع سرب من العصافير و عرضه ب السوق لعل ولده يعرفه .. في تلك الأثناء اسرعت ابنة الشيخ الى منزل الفتى و اخبرت والد الفتى .. ف قدم الى السوق على عجل و عرف ابنه من بين تلك العصافير .. اعاد الشيخ الفتى الى طبيعته البشرية و اعتقه و وهبه القدرة على ان يتحول الى حيوان يريد ..

رجع الفتى مع والده و في الطريق تنبه الفتى ان والده حزين رغم ادعائه الفرح ف سأله و عرف منه أنه مهموم ف أمه تنتظر مولودا و هو لا يملك ان يقدم لها ما تشتهي من طعام و حزين على ذاك الطفل الي س يأتي الى هذه الدنيا و يحيا بيننا عيشة الفقر و البؤس ..

قال الفتى ل والده لا تحزن يا ابي س أجد طريقة ل نكسب المال .. تحول الفتى الى كلب صيد ب عنقه سلسلة ذهبية ثم قال لوالده ان يعرضه ل البيع ل أغنى التجار و لتنتقي منهم أظلمهم ل الناس .. و لكن لا تبع هذه السلسلة معي ف ان انت بعتها بقيت بصورة الكلب .. مر بعض التجار الجشعين على والد الفتى و اعجبهم ذاك الكلب ف أرادو شرائه ..

عرضو ل أجل الكلب 5 دنانير و ل السلسلة الذهبية ألف دينار .. رفض الرجل بيعهم السلسلة رغم الحاحهم .. ف انتهت المساومة ب أن باع ولده (في هيأة كلب) ب 3 دنانير .. أخذ التجار الكلب معهم و في طريقهم لمح الكلب أرنبًا ف أراد ان يطارده لكن االتاجر الذي اشتراه منعه .. ف اشار عليه صديقه : دعه يلحق ب الأرنب ف هو كلب صيد مدرب س يمسك الأرنب و يعود به الينا ... اطلق التاجر الكلب ف انطلق خلف الارنب و طالت المطاردة و طال انتظار التجار ل عودة الكلب ..

انتظرو و هو لا يعلمون ان الكلب قد عاد الى طبيعته البشرية (ان حققت له رغبته عاد الى طبيعته .. اراد الحاق ب الأرنب ف لما سمح له التاجر ب ذلك عاد الى طبيعته ) .. رجع الفتى الى والده و طلب منه السلسلة الذهبية ف تلى عليها تعويذة تعلمها من شيخ البئر .. ف إختفت و تلاشت ... احتال الفتى على اولئك التجار و أنفق والده تلك الدناير و اشترى بها لحما و فاكهة و كعكًا لزوجته ..

تحول الفتى ل حصان لم تملك الملوك مثله و خرج به والده ل السوق ل يبيعه (شريطة ان لا يبيع اللجام معه ) مر به الكثيرين من الناس و ساوموه في الحصان و لكن عندما كان يخبرهم ب أنه يطلب ألف دينار ثمنًا له دون اللجام كانوا يعترضون على ذلك الى ان مر بهم رجل و عرض الف دينار ثمنًا ل الحصان و خمسة ألاف دينار ل اللجام .. تمكن الطمع من والد الفتى فباع ابنه مع اللجام .. اخذه ذاك الغريب و مضى ... انتظر الرجل ولده اياما عديدة لكنه لم يعد .. حزن و ندم على فعلته و لكن ماذا ينفع الندم الأن

ذاك الغريب الذي إشترى الفتى كان أحد الفتيان الذين خطفهم الشيخ عند البئر و لحسن حظه تعرف عليه والده وعندما سمع ب الرجل الذي باع كلبًا دون سلسلة و اليوم يبيع حصانًا دون لجام عرف سره ف اشتراه .. حاول الفتى ان يعود ل طبيعته البشرية دون جدوى ف الفتى الذي اشتراه كان يمنعه من كل ما يريد ف ان راد طعاما اعطاه الماء و ان اراد الماء اعطاه طعاما ...

ظل الفتى في شكل الحصان مدة طويلة حبيس الاستطبل .. لكن قصته انتشرت حتى بلغت مسامع ابن الملك ف ارسل في طلبه ف هو يريد ان يستعيره ل يذهب به الى مملكة اخرى ل تمطيه الفتاة التي خطبها ..

وافق الفتى ان يعير الحصان ل ابن الملك ف هو لا يستطيع ان يرد طلبه اعطاه الحصان و اوصاه أن لا يقدم الماء ل الحصان ابدا .. وافق ابن الملك .. اخذ الحصان و قصد المملكة المجاورة ل يحضر خطيبته .. امتطى ابن الملك الحصان و اردف خلفه زوجته المستقبلية .. و في الطريق لاحظت تلك الفتاة ان الحصان عندما يمرون على نبع او نهر يحاول ان يشرب ف يمنعه ابن الملك ..

تكرر ذاك الامر ثلاث مرات و في الرابعة نزلت من على الحصان و تشجارت مع ابن الملك و قالت له : انت قاسي القلب أتمنع الماء عن هذا الحصان المسكين ان لم تدعه يشرب فسخت الخطبة و عدت ادراجي الى مملكة والدي ..

لم يرد ابن الملك ان تتركه تلك الفتاة ف سمح ل الحصان ب أن يشرب و ما كاد يفعل حتى تحول الى طائر و حمل الفتاة و عاد بها الى قصر والدها بينما ترك ابن الملك في العراء .. بلغ ذاك الطائر قصر الفتاة و ولج بها من أحد النوافذ الى غرفتها .. ثم عاد الى صورته البشرية .. أعجبت الفتاة ب وسامته و عرفت منه قصته .. أرادته ان يكون زوجا لها بدل ذاك الأمير الأحمق ..

وافق الفتى على طلبها لكنه أخبرها أن من إشتراه س يأتي ل يسترده و أوصاها ما تفعل إن هو حضر .. تحول الفتى إلى خاتم و وضعته الأميرة ب إصبعها .. تتالت الأيام و بلغ ذاك الأمير الذي ترك في العراء مملكة والده .. أرسل في طلب صاحب الحصان و هم ب معاقبته إلا أن صاحب الحصان أقنعه ب انه ان صفح عنه خرج في طلب الحصان و سيعود به ..

وافق الأمير الساذج .. خرج صاحب الحصان و بلغ قصر الأمير أين يختبئ الفتى .. دخل على الملك و قدم له أنفس الجواهر و صناديق من الذهب ثم طلب منه أن يعطيه الخاتم الذي تضعه إبنته .. طلب الملك إبنته و عندما مثلت امامه امرها أن تعطيه الخاتم لكنها رفضت ف أخذه منها عنوة ف لقد اغرته تلك الجواهر و تلك الصناديق المملوءة ب الدنانير الذهبية

و عندما اراد أن يقدمه ل ذاك الغريب سقط الخاتم من يده على الأرض ف إنكسر و تحولت اجزائه الى حبات قمح تناثرت على بلاط القصر .. تحول الغريب الى ديك و شرع في التهام حبات القمح تناولها كلها الا واحدة ف تحولت تلك الحبة الى سيف و هوت على عنق الديك ف مات في الحين .. عاد الفتى الى طبيعته .. عرف الملك قصته و رغبة ابنته في الزواج منه ف وافق على زواجهما و تم ذلك و عمت الفرح و السرور تلك المملكة ..

عين الملك الفتى وريثًُا ل العرش و ارسل في طلب والدي الفتى و اخيه الصغير ف التم شملهم و إستراحو من حياة الفقر و الحاجة

انتهت