رواية Kamisu Reina الفصل 3.3
في اليوم التالي، اختفى
مكتبي.
لطالما كنت خفيّة للجميع
كالهواء، ولكن من الآن فصاعدًا لن يدعوني أكون هواءً حتى.
وجودي بحد ذاته محظور.
المكتب المفقود في الصف
أشبه بقطعة مفقودة في أحجية؛ لكن الآن مكتبي هو المفقود. لا ريب أني الوحيدة التي
تشعر بفقدان قطعة ــــ بالنسبة للآخرين، الأحجية مكتملة.
ذهبتُ للشرفة لأعيد
المكتب والكرسي لمكانهما الأصلي. مكان أصلي؟ حقًا؟ لا، لربما مكان مقعدي الأصلي
ليس بالصف، إنما بالشرفة.
وإنْ كان هذا صحيحًا...
لا أريد إدراكه.
كل شيء عداي أنا ورينا
حالَ للأبيض.
كرواية بلا فراغات، أنا عاجزة
عن فهم هذا العالم الأبيض. إنهم يتلاشون. كل شيء عداي يغدو بعيد المنال.
قد يكون ـــــ
أنا التي تفتقر للون.
انتهت استراحة الغداء
دون أن أحادث أحد.
حقًا لم أنبس ببنت شفة،
فلم أقابل رينا، أيضًا. لم ينبس أحد بكلمة عني أو تجاهي.
توقف الناس عن الحديث
معي. كلا، هذا ليس بجديد، على الأقل في السابق لم يكن هذا عن سوء نية.
حتى أبسط نوع من
المحادثات محظور عليّ. حتى كيمورا-كن عجز عن كبح جماح المجال المغناطيسي المطوِّق
لي والذي تولَّد في الصف.
"..."
كنتُ مدركةً لذلك.
كنتُ مدركة، لكن هذا
يقطع الشك باليقين.
لن يكترث أحد إن
اختفيْت.
لن يندثر العالم إن
تلاشيت. السماء الزرقاء ستتجاهلني تمامًا ولن تمطر حتى. لا أحد يكترث بما قد يحدث
لي. أنا مبتورة عن بقية العالم.
مجددًا، تنقضُّ عليَّ
أفكار مألوفة.
ــــ لا... لا يمكنني
الصمود بعد الآن، رينا!
لماذا؟ ماذا فعلتْ؟ لم أُرِد
أن أكون مكروهة. فحسب... أنا فقط أوصدتُ على نفسي في صندوق صغير خشية التأذي، إذن
لماذا يخترقونه برماحهم.
هذا مؤلم، هذا مؤلم، هذا
مؤلم!
أنـقذيني ريـنـا،
أنقذيني ريـنـا، أنقذيني رينا، أنقذينيرينا.
"يا للؤمهم."
"ــــ هاه؟"
رينا ماثلة أمام عيني.
""هاه؟ ما
الأمر، فومي؟"
"أه، ممم... لا
شيء."
انتهت الحصص؛ اقتنصتُ رينا عندما كانت على وشك الذهاب لناديها
واختليتُ بها في بقعتنا المعتادة عند درج السطح لأشاورها.
نعم، هذا طبيعي تمامًا.
لكن لماذا أشعر بشيء مُهلكٍ قاتل؟ ما من سبب.
"لماذا يدَّعون أنك المجرمة بلا أي دليل قاطع؟ من
المستحيل أن تفعلي هذا."
"...حسنًا، إنهم لا يعرفون شخصيتي. بالإضافة إلى
تواجد محفظة ميزوهارا-سان في حقيبتي، من البديهي أن يحسبوني الفاعلة."
"صحيح، لكن يا فومي... لماذا كانت تلك المحفظة في
حقيبتك؟
"لأن ـــــ"
بجدية لا أريد التفكير بالأمر...
"...أول سببٍ يتبادر للذهن أن شخصًا ما يحيك لكِ
المكائد."
"...نعم، على الأرجح." ما لَمْ أكن مصابة
بانفصام الشخصية.
"...شخص يكرهني؟"
"لا.. لا أظن ذلك. لستِ مِمن يخلقون العديد من
الأعداء... أحسَبُ أن شخصًا ما ظنَّ وبكل بساطة أن إلقاء اللوم عليكِ سهل."
وارِد.
على أي حال، هناك من يمقتني بما فيه الكفاية ليلقي
اللوم عليَّ بلا ذنب.
"يا له من متحجر القلب! علينا إيجاد هذا المجرم
وتلقينه درسًا!"
"لا... لا بأس!"
"لماذا؟ أَلَا تعانين في ظل الوضع الراهن؟"
"أنا كذلك. أنا كذلك، لكن..."
"لكن؟"
"ما هذه بمشكلة جديدة. لقد انبلجت للسطح الآن
فحسب..."
"هذا ليس... أعني، لم تكوني أنتِ بالذات مطمورة
الصيت..."
"أتظنين ذلك؟ أنا متيقنة من أنها كانت مجرد مسألة
وقت. مثلًا، لو انعكس دوري ودور ميزوهارا-سان، لَنلتُ أصغر حصة من الكعكة."
"كلا، أنتِ ــــــ"
رينا عاجزة عن التعبير. عند تقرير من المخطئ، لا يهم ما
دار بين معلم وتلميذ، التلميذ هو المعيب. ما بين طالب شرف وجانح، الجانح هو
المعيب. ما بين امرئ فاتن وقبيح، القبيح هو المعيب.
وبالطبع ما بيني وبين ميزوهارا-سان، سأكون أنا المعيبة.
بالأحرى، النتيجة مُقررة من البداية.
بذكائها المعتاد أدركت رينا الأمر.
"...هذا ليس صحيحًا!"
رينا تشكك بكلماتها، وبالنظر إلى وجهها، إنها تعاتب
نفسها لترددها.
لكن ما من شيء لتعاتب نفسها عليه، فهذه الحقيقة.
"رينا."
"هم؟"
"ما زلتِ بجانبي، أليس كذلك؟"
"بكل تأكيد!"
جيد.
لدي مساند. لدي صديقة لا غنى عنها. لدي رينا.
إذن قَدْ أظل هنا.
هتفت رينا بغتة: "أه ـــ"، فتتبعتُ نظراتها.
"أمم..."
كيمورا-كن
واقف هناك، بادٍ عليه شعور أنْ لا محل له.
"...كيمورا-كن؟
ما الخطب؟"
سألني
مُكرهًا: "أه، نعم... هلّا أعرتني دقيقة؟"
"نـ
نعم... ماذا هناك؟"
"سأدخل
في صلب الموضوع، أخبرني أشي-تشان أن أناديكِ، فقد صادف أن أعرف تواجدكِ هنا في بعض
الأوقات."
"أشي-تشان؟"
"أتحدث
عن أشيزاوا-كن! توشيكي أشيزاوا؟"
أشيزاوا-كن السفيه...؟ ماذا عساه يريد مني؟
مهما كان ما يريد، لن يكون جيدًا لي. فتعبير كيمورا-كن
يفضح الأمر.
"إيرر.. هل هو... غاضب؟"
إنه يحدق بي عن كثب فقط، وفي النهاية أشاح نظره.
"...إنه كذلك؟"
تمتم مشيحًا نظره: "يا سايتو-سان، لربما من الأفضل
ألا تذهبي"
...يبدو أن خطورة الأمر قد فاقت توقعي. لكن إن لم أذهب،
سيشتد بغض أشيزاوا-كن لي.
لا ــــ لا أريد هذا. لا أريد أن يتم تجنبي أكثر بسبب
سوء فهم.
"... سأذهب."
قال كما لو كان أشيزاوا-كن سيضربه: "حسنًا."
حادثتني رينا بنبرة قلقة: "فومي."
ابتسمت ملوحة بيدي لها مودعة: "سأكون بخير."
فور أن اصطحبني كيمورا-كن إلى فصلنا ساقني أشيزاوا-كن لزاوية
(أما كيمورا-كن فقد غادر مسرعًا لناديه)، لم يدَع تاكاتسوكي-سان وأعضاء المجموعة
الآخرين لي متنفسًا للتوتر فقد طوقوني فورًا بينما يشاهدني بعض زملائي من مسافة
آمنة. بالإضافة لوجود ميزوهارا-سان هنا بيد أنها تشاهد من بعيد راسمة تعبيرًا
مضطرب.
تحدث أشيزاوا-كن بصوتِ غاشم حاملًا شيئًا أمام وجهي:
"حسنًا. أتعرفين ما هذا؟". من الشاق رؤيته من هذه المسافة القصيرة، لكن
يمكنني تمييز أنها محفظة ميزوهارا-سان.
"—"
حاولتُ أن أجيب
لكن الكلمات تأبى الخروج. الجميع يراقبوني عن كثب بعداوة صارخة؛ أشعر أن الحديث
عليّ ممنوع. أنا خائفة.
يده اليمنى
بمحاذاة رأسي مباشرة، قد يضربني بها بأي لحظة. قطعًا إنه يريد هذا. فهو غاضب
والهدف المثالي لينفس غضبه عليه ماثل أمام عينيه.
أنا خائفة! لماذا
يرمقونني هكذا؟ لا أستطيع قول أي شيء! فالحديث ممنوع عليّ!
صرخ: "هيه!
سألتكِ ما هذه بحق خالق الجحيم!". لقد رجرج يده اليمنى.
"إنها...
محفظة..."
"محفظة من؟"
"ميزوهارا-سان..."
"صحيح. محفظة
يو"
يو؟ بالتفكير
بالأمر إنه اسم ميزوهارا-سان الأول.
قال: "إنها
المحفظة التي أهديتها إياها يوم ميلادها. إنها المحفظة التي مزقتِها بمشرط
لعين!" تطاير بعض لعابه على وجهي.
الغضب أفقده
صوابه. إن كنت فتًى لضربني منذ وقت طويل.
أردفت
تاكاتسوكي-سان بوجه مخيف: "كنتِ على دراية أن يو تواعد توشيكي، أليس كذلك؟".
"كما تعلمين أن هذه المحفظة كانت هدية منه، صحيح؟"
كلا. لم أملك أدنى
فكرة أنهما مرتبطان. فهذه الشائعات لا تصلني البتة.
"لهذا سرقتِ
المحفظة عندما كنتِ منزعجة، صحيح؟ لا يمكنكِ إخفاء الأمر!"
لا، لم أفعل
شيئًا!
لكن لا يمكنني قول
هذا. حتى لو قلته وشرحت موقفي لَمَا صدقوني.
"أفهمتِ؟ هذا
ليس هيّنًا لتعويضه بمالٍ لعين!"
يده اليمنى تتحرك.
أغمضتُ عيناي غريزيًا. مع ذلك بطريقةٍ ما لقد كبح نفسه وضرب الجدار الذي خلفي.
غدا ذهني صِفْرًا
كاللوحة البيضاء. من رأسي لأخمص قدمي إني أرتجف.
ماذا يفترض بي أن
أفعل؟ أنا خائفة! أرجوك، لا تؤذني. أنا لم أفعل شيئًا!
"أنقذيني..."
إني محاضرة مخوفة،
في النهاية تمتمت:
"أنقذيني..."
للوهلة الأولى
حسِبُ الناس أني أترجاهم، لكنهم سرعان ما أدركوا أن اعتقادهم خاطئ وهذا ما فاجأهم.
"أنقذيني..."
أنا أستنجد
المساعدة. بالطبع هناك شخصٌ واحد فقط سأستنجد مساعدته.
"أنقذيني...
يا رينا."
لم أُرِد توريط
رينا لذا حاولتُ حلَّ المشكلة دون قدومها معي.
لكني فشلت.
أنا أتخيل كيف
سيتأرجح شعرها الطويل بمجرد مقدمها وكيف ستحررني بسرعة من مخالبهم. أشعر أن هذا
التخيل سيؤول حقيقة. ثم ستبتسم لي بوجهها الخلاب، "كل شيء بخير، فومي."
ـــــ مع ذلك،
رينا لم تأتِ.
حلق بي هذا الوهم
العذب من الأرض للغيوم، إلى القمة. ولكن في نهاية المطاف، في الواقع ما زلتُ أزحف
على الأرض. قُذِفتُ من القمة مجددًا.
"أه...أه..."
عجزت عن كبت دموعي
أكثر فشرعت بالبكاء.
عندما تساقطت
دموعي بوادر العنف اختفت. رغم أن أشيزاوا-كن ما زال حانقًا بوضوح.
صاحت تاكاتسوكي-سان
بينما تقترب مني: "ماذا؟ أتحسبين أننا سنسامحكِ إن بكيتِ؟!".
"علاوة على ذلك، ما من امرئ قد يرغب ‘بإنقاذ‘ شخصٍ مثلك!"
"لكنه
موجود..."
"مَن؟ أمك؟
معلم؟ لن يساعدوكِ إلا لأنه واجبهم!"
"إنه
موجود!"
"ومن عساه
يكون؟! يا إلهي، أنتِ ـــــ"
صرخت بصوتٍ قد
يكون الأعلى في حياتي: "رينا! كاميسو رينا موجودة لأجلي!"
تاكاتسوكي-سان
ــــ كلا، كل شخص حاضر ـــــ اتسعت عيونهم دهشةً من صراخي المدوي. أنا مصدومة
شخصيًا كذلك، لكني لست نادمة.
لأنه الشيء الوحيد
الذي لن أسمح لأي شخص أن يعارضني فيه.
لديّ صديقة لا
مثيل لها.
لدي كاميسو رينا.
لن أدع أحدًا يقول
غير ذلك.
اقتنصتُ مهربًا مستغلةً
ارتباكهم، لقد هربت. لقد هربت منهم. لم أعد بحاجة لأي شيء. لا شيء.
كل ما أريد هي
رينا.
طالما رينا معي،
فأنا بكل خير.
يُتبع
عدنا والعوْدُ أحمدُ >.<
ترجمة وتدقيق
Aya
thanks
ردحذف