لايت نوفل Utsuro no Hako to Zero no Maria الفصل 73
الفصل السابق | فهرس الفصول | الفصل التالي |
---|
لكن عليَّ الآن الهرب. ينبغي لي الهرب.
عليَّ أن أنسل خارج هذه الغرفة بسرعة. كل ما عليَّ فعله هو الانسلال من هنا. بعدئذ يتأتَّى لي الهرب.
حاولت الهرب سريعًا، لكني تعثرت واقعةً. يبدو لي أن الوقوف مضيعة من الوقت لذلك فقد زحفت نحو الباب.
وجدت أمامي لسبب أجهله ساقان نحليتان جميلتان كساقَي العارضة.
رفعت ناظري.
"لـ-لماذا ـــ"
الشخص الواقف هنا هو ـــــ ماريا أوتوناشي.
يا له من وقت تظهر به... لا تخبريني...؟ّ! لففت نظري لأرى ني-سان. كان يضع رأسه بين كفيه عازلًا نفسه عن كل ما يجري حوله. ني-سان يعرف أن ماريا هنا. كان قد قرر آنفًا التخلي عني. قرر آنفًا أن يسلمني لماريا أوتوناشي بمعرفته أني سألجأ إليه.
قالت بنبرة رتيبة: "ـــــــ غير معقول مهما فكرت. أنَّى للمرء أن يرميَ نفسًا؟ حتى وإن فعل فستلاحقه نفسه. كنتِ على علم بذلك منذ البداية ولهذا كنتِ عاجزةً عن التخلص من نفسك حتى بعد حيازتك الصندوق. ما أردت إنجازه بتمنيك من الصندوق لن يكون له تحقق أكثر بعد. لا يمكنك كسب شيء من سابع ليلة في الوحل. إنكِ تستحيلين ببطء للتغذي على الوحل مذ أنكِ لا تكفين عن الغوص فيه."
الشخص الذي أوقره يقول هذا ــــ الشخص الذي كنت عاجزة عن تقليده.
وماذا عنك؟ أأنتِ عاجزةٌ أيضًا عن كسب شيء لأنك تخلصتِ من نفسك؟
رفعت نظري إليها. بدت لي نظرتها شاجية بشكل ما.
عليَّ الهرب. لكن إلى أين؟ هذه الغرفة ليست ملجأً لي وماريا أوتوناشي تسد الطريق قبالني؟ وما زلت متخذة وضعية الزحف على الأرض وعاجزة عن فعل شيء. لا يمكنني الذهاب إلى أي مكان.
أنا... لا يمكنني الذهاب... إلى أي مكان.
"اسمحي لي بسؤال. كنتُ قد طرحته عليكِ منذ زمن بعيد، لكن أسمعيني الإجابة من جديد. أخبريني ــــ"
طرحت سؤالها:
"ــــ من أنتِ؟"
أنا ـــــــ
"من أنا...؟"
أنا مَن أود معرفة الإجابة.
أخرجت هاتفها لسبب ما ومدته إليَّ فيما كنت أجلس على الأرض.
"دعيني أُعلمكِ بهويتك."
كان الصوت صوتـ[ـه]، صوت الشخص الذي لا شك يساوره في هويته مهما زعزعت كياته.
أجاب [كازوكي هوشينو] سؤالي.
"لستِ بأحد أصلًا. لستِ سوى عدو وُجد لأقهره."
"لا...."
لست شيئًا كهذا.
لا أعيش لخاطرك! وكأني سأقتنع بسخافة كهذه!
"ـــــ أنا ريكو أسامي!!"
قلت ذلك مصرِّحةً، لكني حينئذ أدركت أني اقترفت غلطة جسيمة.
فأنَّى لي أن أكون كازوكي هوشينو بعد هذا؟ الآن وقد اعترفت أني ريكو أسامي، أنَّى لي إقناع نفسي مجددًا؟
حين لاحظت هذا الأمرــــــ
"آاه، آااااااااااااااااااااااااااه!!"
أخذ الصندوق على حين بغتة يتضخم، مندفعًا بسرعة الرصاصة عبر عروقي، موجعًا جسدي برمته، مؤلم، آاه، لا يمكنني احتماله! كفى! إنه مؤلم، كفى، لينجدني أحد ما! أريد إخراجه! لكن لا أستطيع إخراجه، لا أستطيع، لا أستطيع. فالصندوق ليس في هذا الجسد! لكن إن كان الأمر كذلك، فلمَ يؤلمني؟ كفى، كفى كفى!!
"فهمت... فهمت صدقًا، لذا كفى..."
فقد فهمت أني لا يمكنني أن أكون إلا نفسي.
اقترفت إثمًا. تمنيت الأمنية الخاطئة من هذا الصندوق. لا يلزمني جسد كذلك. فهذا غير معقول أصلًا. إني... إني فقط ــــ
"إني أريد أن أُسعد فقط!"
لكن هذا غير متاح بعد الآن.
فالسعادة لن تدق بابي بعد الآن مذ سرت في درب الدماء.
تشبثت بالفتاة التي نجحت في أن تصير شخصًا آخر، بالفتاة التي تسمي نفسها صندوقًا.
لن أقترف هذا الإثم بعد الآن. لن أقترف هذا الإثم بعد الآن. فكفى رجاءً!
"أنجدني!"
الرابع من مايو (الإثنين) 14:00
رغم غرابة الأمر إلا أني لاحظت من فوري أن تشوش رؤيتي كان سببه الدموع في عينيّ.
كفكفت هذه الدموع ورأيت ماريا واقفةً قبالي تقمع مشاعرها.
الخامس من مايو
الخامس من مايو (الثلاثاء) 02:10
كنت أحلم.
بذات الحلم مجددًا.
كنت ألعب بالأرنب المخملي الأصلم أمام الجثتين. أغصت إبهامي في المزعة وأوسعتها، ثم ارتفعت بأصابعي حتى الرأس وحركتهم يمنةً ويسرة. تغير شكل رأس الأرنب. ملمس القطن مريح. للأمام والخلف، للأعلى وللأسفل. زال غراء العين، وتساقط القطن من وجهه الممزع.
نظرت إلى يديَّ. بصرف النظر عن حقيقة أنهما ملطختين بالدماء الذي أخذ يجف، لكن من المفترض أنه لم يطرأ عليهما أي تغيير، إلا أنهما بديا لي كأنهما تعفنتا واسوَدَّ لونهما سوادًا حالكًا.
وجسدي مليء بشيء يشابه الطين، مكوناته الوحيدة الكراهية. أود تقطيع جسدي وكشط هذا الطين منه.
"هكذا إذن. هذا ممتع بعض الشيء."
"إيــك!"
أخذني هذا الصوت على حين بغتة جاعلًا قلبي يقفز من مكانه مخترقًا حلقي.
"إنه لمشهدٌ مشوهٌ باهر بالنسبة لحادثة وقعت قُراب هذا الصبي. الأمر يثير اهتمامي حقًّا. الجزء الذي تشغلينه من هذه الحادثة بديع ومشاعرك تجاه هذا الصبي مسلية أيضًا."
التففت حولي لأنظر إلى صاحب هذا الصوت.
يبدو... آاه، صحيح، يعود السبب لكونه حلمًا، هاه. يبدو مبهمًا وكأن الضباب يواريه. لم أستطع تمييز جنسه حتى.
"مـ-من تكون؟ ومذ متى كنت هنا؟"
لم يحر (تحر؟) ردًّا على جوابي واكتفى (اكتفت؟) بابتسامة.
نظرت إلى ني-سان دونما تفكير. لم يلحظ وجود هذا الشخص بعد كما يبدو وما انفك يبكي فازعًا ناشجًا دون صوت يُسمع.
لكن أين أنا؟ من المفترض أن يكون هذا المكان بيتي، لكن ثمة خطأ. لا أشعر أنه حقيقي، وكأني وقعت داخل صورة.
"إنكِ كائنةٌ مثيرة للاهتمام كذلك، لكن ليس بقدر هذا الفتى. كنت أعرف أن البشر يصيرون مجوفين عند مقتهم أنفهم، لكن مراقبة هذا بأم عينيَّ لممتعٌ مسلٍّ. لا أرى سببًا يمنعني من إعطائكِ صندوقًا."
تفوَّه بأمور غريبة متجاهلًا أسئلتي.
لكني فهمت شيئًا.
إنه فاتن. بشكل لا سبيل لوصفه.
"ألديكِ أمنية؟"
بالطبع لديّ. فلطالما كنت أدعو.
"إنه صندوق يحقق أي أمنية!"
قالها بصوته الفاتن حاملًا حاوية من نوع ما ومدها إليّ. وكما أسلف توًّا، كان يبدو كالصندوق. لكن لسبب ما لم أستطع فهم الأمر تمامًا، رغم أنه كان أمامي بالضبط.
جربت أن ألمسه.
وأدركت أنه ’حقيقي‘ بلمسه فحسب. ليس بسبب المنطق وشروحاته، بل لأني أحسست بجسدي برمته أنه كان ’حقيقيًّا‘.
فأخذته.
"كيف يمكنني استعماله...؟"
"تخيلي أمنيتك محقَّقّة فقط. فللبشر القدرة على تحقيق الأماني بفطرتهم. ولهذا فإن هذا الصندوق ليس بهذه الروعة. كل ما يفعله هو تبسيط أمنيتك وتسهيل تحقيقها."
أمنيتي هي ألا أكون ريكو أسامي بعد الآن. أن أكون شخصًا آخر غير ريكو أسامي التي أبغضها.
من عليَّ أن أكون؟
أول من خطر ببالي كانت ماريا أوتوناشي التي أوقرها. لكن هذا مستحيل، فهي ليست بشرًا أصلًا، ليست كائنًا يمكنني أن أكونه.
حيئذ أُوحي إليّ.
"أتمنى،"
إنه الفتى الذي ينعت حياته اليومية بالمهمة وكأنه أمرٌ بديهي. الفتى الذي كسب ماريا أوتوناشي لسبب ما.
"الحياة اليومية مهمة"؟ لا تمازحني! جرب إعادة ما قلت بعد عيش حياتي اليومية! لا يمكنني مسامحته على تمتعه وسعادته من دون سبب.
ولهذا فأعطِنيها كلَّها!
"أريد أن أبدل مع كازوكي هوشينو."
حين أدليت بكلامي هذا، أخذ الصندوق يُطوَّى إلى أن صار ضئيل الحجم صلبًا، حينها حلق صوبي كرصاصة واخترق جسدي عابرًا من عيني. من دون أن يمهلني وقتًا أحس به بالألم، دخل قلبي وأخذ يتحكم بجسدي برمته حتى بعروقي. إني، إني، إني، إني أُقطَّع، أُسحَق، أُمزَّع، أُهشَّم، الصندوق يتحكم بي، يتحكم وـــــ لقد تلاشيت.
بابتسامة ساحرة قال: "تبدلين معه، هاه؟ هوهو... إنكِ الأسوأ حظًا صدقًا. كم سيكون الأمر محزنًا حين تدركين أنكِ مجرد بديل."
لمَ؟ كم هي نعمةٌ أن أختفي.
"امرِئٌ خاوٍ لا يتمنى إلا أمنية خاوية. آسف، لكن أتعرفين أني كنتُ مدركًا تمام الإدراك لهذا؟"
وأردف بابتسامة ساحرةٍ رقيقةٍ حقًّا: "آهٍ كم هذا فتَّان! تخالين أنه يتأتَّى لكِ الهرب من ثقل خطاياكِ بفعل هذا! إني لأجد هذا الجانب الطفوليَّ منكِ فتَّانًا بشكل يميتني!"
بعدئذٍ كانت بقيَّة الحلم أني مرمية في الطين.
أبلع طينًا، أعجز عن التنفس والحديث.
تعليقات