لايت نوفل Utsuro no Hako to Zero no Maria الفصل 72
الرابع من مايو (الإثنين) 13:00
عطر النعناع لم يكن يفوح في الأرجاء، وكنت* أحمل بيدي مجلة مانجا كما كنت سابقًا، وقد تمكنت من التسلل خارجةً من غرفة ماريا أوتوناشي.
[ت.م: تتحدث ريكو أسامي هنا بالضمير (أتاشي)]
"هاها!"
لقد نجحت! أثمر تهديدي!
الشعور بالحصار تلاشى واختفى. كل الأمور على أتم ما يكون. ما زال بوسعي القتال. أما الآن فعليَّ لقاء ريو ميازاكي.
غادرت المحل واطلعت على المكان الذي أنا فيه. أعرف هذا الشارع، لا بد أن شقة ريو ميازاكي بالقرب.
ذهبت لشقته وقرعت الجرس.
وهو بدوره فتح الباب حالًا.
كان وجهه شاحبًا. اسودَّت هالاته وزادت حلكتها. لم ينبس ببنت كلمة، كان يحدق فيَّ صامتًا فحسب.
"...هاي، ماذا حدث؟"
"...... لا شيء."
رفضه يُثبت لي قطعًا حدوث أمر ما.
"أفعلت ماريا أوتوناشي شيئًا لك؟"
"لا... لم تفعل شيئًا."
كان رده منعدم الروح وكأنه صادر من آلة. من الواضح وجود خطب ما. طيب، كان غريبًا فيما سبق بالفعل، لكن غرابته هنا أشد من سابقها.
"ألن تدخلي؟" استعجلني مباشرةً. دخلت فيما كنت أرقبه مرتابة.
"...ما هذا؟"
سرعان ما دخلت لاحظت أن شباكه مكسور.
"آاه، أوتوناشي كسرته."
أجاب ني-سان متثبط الأمل. لا بد أن أوتوناشي ماريا فعلت شيئًا له. ما من توضيح آخر.
"...أفشلت خطتنا البارحة؟"
"أجل."
رد آخر منعدم الروح... ما الخطب حقًّا؟
"لمَ لم ترد على مكالمتي؟"*
[ت.م: تشير لنفسها بالضمير (أتاشي) مجددًا]
"...’أتاشي‘، هاه."
"هاه؟"
"ألم تعتادي الإشارة إلى نفسك بلفظ ’بوكو‘؟"
"... خطأ صغير. إني (بوكو) لست بأحد في الأخير."
قال ناظرًا إلى الفراغ: "تعدى الوقت الساعة 13:00، هاه؟"
"نعم صحيح، ما مناسبة الأمر...؟"
"لقد سرقتِ هذه الفترة من الوقت في ثالث يوم. فإني متيقن أنكِ كنتِ أنتِ ذاتك. لكن إن كانت الساعة 14:00... فكنتُ على الأرجح سأفترض أن هوشينو يحاول خداعي من جديد ولن ألاحظ أنها أنتِ. فأنا لا أستطيع التفريق بينكما يا رفاق من خلال استعمالكما عضلات وجهيكما إزاء ماريا."
"..... لا فكرة لدي عما تتحدث."
"أخبريني، بمَ تدعينني؟"
"هاه؟ ’ريو ميازاكي‘ طبعًا، ألم أعتد على قول هذا طوال الوقت؟"
"أجل، أظن ذلك. صحيح."
"كفى حديثًا بغرابة. حريٌّ بك إخباري بما حدث البارحة!"
"حسنًا."
جلس بعدما أومأ وأخذ يحدق في الشاشة السوداء.
"نفذت خطتنا وباءت بالفشل كما ترين."
خلته سيكمل الحديث فانتظرته فيما كان يحدق في الشاشة دونما تحرك إلا أنه لم يتكلم.
"إيه؟ أهذا كل شيء...؟"
"لا علم لديَّ بأكثر من ذلك! باءت خطتنا بالفشل وماريا أوتوناشي أخذت كازوكي هوشينو. لا أعرف شيئًا عما حدث فيما بعد. لا فكرة لدي عما حدث بينهما!"
".....ماذا؟ هذا لا يقدمني قيد أنملة."
"طيب، أظنه لا يقدمك كذلك." أضاف ببرود دون أن يعيرني نظره.
"....أتنوي التخلي عني؟"
ما زال لا ينظر إليّ.
فهمت. هذا ما ينويه. سيصمُّ أذنيه من جديد ويتجاهل كل شيء.
"إنك نادم، ألست كذلك."
رفع نظره إليَّ أخيرًا بعدما سمع هذه الكلمات.
"إنك نادم على ملاحظتك انعدامَ حظ ريكو أسامي حين سارعتَ إليها لسماعك التماسها للمساعدة ـــ ونادم على أنها أقحمتك في هذا الأمر، صحيح؟ بالضبط! فلو ظللت جاهلًا لِما يحدث لَكنتَ قادرًا على العيش مرتاحًا وكل ما تندم عليه هو سوء حظك. إن لم تجب مكالمة ريكو أسامي تلك المرة ـــ"
قاطعني: "لست نادمًا على هذا!"
"كل ما أنا نادم عليه هو أني لم ألحظ قبلًا. إن كنت لاحظت أبدر لَكنتُ قادرًا على قلب كل هذه الأمور. ولهذا فإن كل الأمور من السبب إلى المآل خطئي. لا أريد اقتراف خطأ كهذا مجددًا!"
لف رأسه كاملًا ناحيتي أخيرًا.
"ولهذا السبب قررت الاستمرار على مساعدة ريكو أسامي. لن أغير قراري مهما حصل."
"....,, ني-سان."
أثلج كلامه صدري.
ني-سان يقول هذا بصراحة تامة.
"أشكرك يا ني-سان... تابع مساعدتي!"
"’ني-سان‘، هاه."
أومأ ني-سان إيماءة خفيفة.
"هاي... دعيني أُرجع التأكد من هدفك."
"ولمَ تأخرت كل هذا؟ ـــــ طيب، لا مانع عندي! هدفي هو الفوز بكازوكي هوشينو. أن أجعله يخضع بغية هذا الهدف. أن أضنيَه نَصَبًا إلى أن يصل إلى دق رقبته وشجِّها، أن أجعله يندحر منصاعًا إلى أن يسلمني جسده منحنيًا قائلًا ’كوني سيدتي رجاءً‘"
"...فهمت، إذن أهذا مبتغاكِ بلا شك؟"
"طبعًا. ألم أخبرك بالأمر أكثر من مرة؟"
أخذ ني-سان يتمتم ويعيد "أخبرتِني، أخبرتِني،" مخفِضًا نظره ثم توقف عن الحديث. بدا الأمر غريبًا عليّ فاختلست النظر إلى وجهه.
"ـ إيه؟"
إنه يبكي. ني-سان يبكي.
"نـ-ني-سان، لمَ البكاء؟"
يبدو أنه لم يلحظ حتى قلت ذلك، فأخذ يتأكد من بكائه بلمسه خديه في دهشة، ثم مسح دموعه بعنف بذراعه.
كم مضى من وقت لم أرَ فيه دموع ني-سان؟ لربما كانت آخر مرة رأيتها كانت حين لاحظنا خداع والدينا. كفَّ ني-سان عن البكاء تمامًا بعدها. لم يعد يظهر أي ضعف فيه لأحد ليكون قادرًا على متابعة قتال شيء خفي داخله.
هذا الشخص يبكي.
ثم تمتم: "سأنقذها، لقد اتخذت هذا القرار. قررت أن أساعد أختي، رقيقتي ريكو. قررت أن أساعدها لهذه المرة على الأقل، لأني فشلت في الوقوف معها سابقًا لانشغالي بأموري. قررت أن أنقذها. أن أنقذها، أنقذها، أنقذها، أنقذها، أنقذها، أنقذها. حقًّا قررت، لكن ـــ"
رفع نظره ينظر إليّ.
"ـــ من أنت؟"
أنفاسي توقفت.
"ريكو هي الشخص الذي سأنقذه. لكن ـــــ من أنت؟ أخبريني، من أنت بحق باسط الأرض وما عليهاَ!؟"
"...مـ-ما الذي تقوله يا ني-سان؟ إني ـــــ"
"لستِ بأحد. ألم تقولي هذا بنفسك قبل بضع دقائق؟"
... صحيح. قلت هذا فعلًا.
"بالضبط. لستِ ريكو. إن كنتِ ريكو فلمَ سيكون شكلك مشابه لكازوكي هوشينو؟ لكنكِ لستٍ كازوكي هوشينو أيضًا. لذا من أنتِ؟ أخبريني... لمَ قد أساعد شخصًا أجهله تمامًا؟ لا أهمية لك عندي يا بُعدًا لكِ بتاتًا!!"
هذا خطأ.
أعرف أنه يستحيل لمشاعر ني-سان الحقة أن تكون هكذا؟
"بالنسبة إليّ، فلستِ إلا نسخة مزيفة لأختي، أعجز عن التفريق بينها وبين [كازوكي هوشينو]!"
القصد الوحيد من وراء هذه الكلمات هو إيذائي.
ولإيذاء نفسه.
"نـ-ني-سان ـــــ"
"توقفي!!" قال ذلك ليخمد المشاعر الجياشة في قلبه.
"لا تناديني بـ’ـني-سان،‘ أيها الغريبة المسخوطة!!"
وبهذا حطم قلبه وــــ
"آاه ـــــــ"
وقلبي* كذلك.
[ت.م: استعملت أتاشي هنا كذلك]
ني-سان لن ينقذني. لأني لست أخت ني-سان. أجل، صحيح. لست ريكو أسامي. إذن من عساني أكون؟ أكازوكي هوشينو؟ لا. ليس بعد. لحظـ... أأنا أصلًا أطمح لأكون كازوكي هوشينو؟
"آاه ــــ"
ما الذي أريده حقًّا؟
لربما كنت أعرف مذ استلمت الصندوق.
تذكرت الفترة التي عشناها قبل طلاق والديّ.
كنت أخالنا عائلة سعيدة. كنا في العطلات الأسبوعية نخرج نتفسح في الأسواق، ونشاهد الأفلام أو نذهب لمطاعم الوجبات الساخنة. كنا هذا النوع من العائلات. والدي كان دائمًا ما يزور غرفتي بعدما يرجع من العمل، كنت عندئذ ألح عليه دونما نتيجة أن يطرق على الباب قبل الدخول. أما أمي فكانت دائمًا تعد لي صناديق غداء جميلة ولطيفة. كنت كثيرة التشاجر مع ني-سان، إلا أننا دائمًا ما كنا نلعب سويًّا.
خلتنا متوافقين أيُّما توافق مع بعضنا. لم أحسب أنَّا سنفترق ولم أفكر في الأمر قط.
لكن كل هذا كان كذبًا.
لم يُخرب بيتنا أصلًا. فقد كان الأمر كله كذبًا منذ البدء.
أذكر أن ني-سان قال لي بعدما أعلمانا بأمر الطلاق:
"هذا رائع، يمكننا أخيرًا التوقف عن تمثيلية العائلة السعيدة. تحررت من قيود الشعور بالذنب هذه."
لم أستطع حينها إدراك المقصد من هاته الكلمات، لكني سرعان ما أدركت وفهمت كل شيء. فلمَ كان أبواي يبدوان متوافقَين رغم وشوك طلاقهما؟ لمَ كانا يبتسمان بحرج بعدما يعاملانني بلطف؟
كان كله مجرد تمثيلية يخدعاني بها ليُحسِبوني أنَّا كنا عائلة سعيدة. وليت الأمر كان لخاطري، كانا يفعلان هذا ليخففا من شعورهما بالذنب فحسب.
ولهذا فقد ظننت أنه ما من سبيل للـ’ـسعادة‘ إلا بسرقتها من الآخرين.
لكن أهي شيء يتأتَّى لك سرقته حقًّا؟
إذن ما الذي أرغب بفعله حقًّا؟ لا أدري. لا فكرة لديّ. لا شيء. لا أريد أن أعرف. لم أعد أحز الصندوق أصلًا.
يتبع
ترجمة ومراجعة: Danda
تبييض الغلاف: ilyes
شرفوني بمتابعتكم على تويتر
تعليقات