لايت نوفل Utsuro no Hako to Zero no Maria الفصل 8
الفصل السابق | فهرس الفصول | الفصل التالي |
---|
جهزت نفسي وناديتها. على أية حال، أوتوناشي سان لم تلتفت. بهذا القرب، فإنه من المستحيل ألا تكون قد سمعتني، لذا استمريت على أية حال.
"لدي ما يحتاج النقاش."
"وأنا ليس لدي."
رفضتني دون تحريك عين واحدة.
"أوتوناشي-سان."
لا استجابة. فقط تتابع مضغها لشطيرتها بفتور.
يبدو أنها تخطط لتجاهلي مهما كان الذي أقوله. في تلك الحالة كل ما علي فعله هو أن أجعل من المستحيل عليها أن تتجاهلني.
الحافز المناسب بادر إلى ذهني بعد التفكير قليلًا.
"...ماريا."
تعابير المضغ في فمها توقفت.
"لدي ما يحتاج النقاش."
لا زالت لا تنظر إليّ. ولا تقول شيئًا أيضًا.
يخيم على الفصل صمت مميت. زملاؤنا كلهم ينظرون إلينا بينما يحبسون أنفاسهم.
أوتوناشي-سان أخيرًا فقدت صبرها وتنهدت.
"لم أتصور أبدًا أنك ستقول ذلك الاسم. يبدو أنك تذكرت الكثير هذه المرة."
"أجل، لذا ـــ"
"حتى ولو، ليس هناك ما يحتاج النقاش معك."
مرة أخرى بدأت تمضع شطيرتها بسأم.
"لماذا؟"
ركز زملائي عليّ في اللحظة التي بدأت فيه بالصراخ فجأة.
"لماذا؟! ألستُ أنا الشخص الذي عليكِ التعامل معه؟! إذن لماذا لا تحاولين حتى الإنصات إلي!؟"
"لماذا، أنت تسأل؟" سخِرَت. "ألا تعلم بصراحة؟ ها! انظر إليك كيف تتصرف بغباوة مرة أخرى. لم تفكر أبدًا في نفسك. لمَ عليّ التشارك مع شخص كهذا؟"
"...لا أدري كيف تصرفت سابقًا."
"سابقًا؟ ما هذا الحمق! ما الاختلاف فيك الآن؟ أنت نفس الشيء!"
"كيف يمكنك التأكد؟ ربما قد أعرض عليكِ المساعدة. في هذه الحالة ــــ"
"إنه لا يهم في الأساس."
رمت أوتوناشي-سان هذه الكلمات بدون تركي أكمل. كنت على وشك الاعتراض بشكل غريزي. لكن هذا الاعتراض مُحِيَّ بواسطة جملة أوتوناشي-سان التي تلتها.
"لأنك لم تقترح اقتراحك هذا مرتين أو ثلاثة قبلًا."
"إيه ــــ؟"
أنا مندهش للغاية لدرجة أن فكي قد وقع. كشرت فمها بهدوء، أعادت أوتوناشي-سان شطيرتها نصف المأكولة وقالت:
"جيد جدًا. أنا مجبرة على قضاء وقتي في العديد من الأمور العقيمة. هذه ليست المرة الثانية أو الثالثة التي أعطيك فيها تفسيرًا، لكني سأخبرك على أية حال."
أوتوناشي-سان وقفت وبدأت تمشي بعيدًا.
لا خيار لديّ إلا اتباعها بصمت.
*
كالعادة، ساقتني إلى الجزء الخلفي من مبنى المدرسة. وكالعادة، أوتوناشي-سان اتكأت على الحائط.
"سأقول هذا في البداية. لا أريد أن أحظى بمحادثة معك. ستستمع لكلامي فقط كالغبي."
"...أستطيع تقرير ذلك بنفسي."
قلت ذلك لأكون أقل سخافة، لكن أوتوناشي-سان طعنتني بنظرة باردة.
"هوشينو، أتعلم أي تكرار هذا؟ لا، أنت لا تعلم. هذا هو الـ27.753."
هذا الرقم، كلمة بشاعة عاجزة عن وصفه.
"...أقمتِ بالعد على وجه التحديد في كل مرة؟"
"أجل، منذ أنه لا يوجد أي طريقة لتأكيد الرقم إن توقفت عن العد ولو لمرة. إن نسيت فعل ذلك، سأخسر نفسي. وهكذا، دائمًا ما أحافظ على العد."
بالتأكيد أن الأمر سيكون أأمن إن عرفتَ عدد الخطوات التي اتخذتها صوب وجهة مجهولة.
"أعدّتُ كل شيء لمرات عديدة جدًا. جربت بالفعل تقريبًا كل الطرق المحتملة للاقتراب منك. لا أتصور شيئًا لم أجربه بعد."
"هذا هو سبب اعتقادك أن التكلم معي لا طائل منه؟"
"أجل."
"ألن تقنعيني بتسليم الصندوق لكِ حتى؟"
"استسلمت عن ذلك بالفعل منذ مدة طويلة."
"لماذا؟ في نقطة ما من هذه التكرارت، يجب أن أكون متعاونًا مرة واحدة على الأقل."
"أجل، بالطبع. هناك تكرارات حيث عاملتني بعداء، وهناك أيضًا حيث تعاونت. لكن أتعلم ماذا؟ هذا لا يهم. بطريقة أخرى، لم تسلم الصندوق أبدًا."
لم أسلم الصندوق حين كنت متعاونًا؟.... حسنًا، هذا منطقي. فلن أكون هنا (الآن) لو حصلت أوتوناشي سان على الصندوق.
"فقط للتأكد: أنتِ متأكدة أن لديّ الصندوق، صحيح؟"
"كان هذا جدالًا داخليًا مستمرًا. لكن استنتاجي يكون دائمًا واحد. كازوكي هوشينو هو، وبدون أي شك، المالك."
"لما تعتقدين ذلك؟"
"ليس هناك الكثير من المشتبهين كما تظن. الشرح الكامل سيأخذ وقتًا طويلًا لذا سأختصر ذلك: من المستحيل للمشتبهين المحتملين أن يخدعوني 27.253 مرة. وبالتالي أنت المالك المحتمل الوحيد. علاوة على ذلك، هناك أدلة عرضية حتمية لا تمت للفصل الرافض بصلة، أليس كذلك؟"
كانت محقة ـــ لقد التقيت حديثًا بموزع الصندوق ــــ (*).
"مهما يكن، أنت لم تسلم الصندوق أبدًا. بالأحرى، لا يمكنك ذلك. وضعت عليكِ علامة كمالك للصندوق لأكثر من 20.000 تكرار."
"لذا استسلمتِ."
هذه أوتوناشي سان التي قد تبذل أي جهد في الحصول على الصندوق؟
"لم أستسلم. أنا فقط لا يمكنني الحصول على الصندوق. لنفترض أنك تبحث عن 100 ين التي من المفترض أن تكون في محفظتك، لكنك لا تتمكن من إيجادها مهما حاولت قلب محفظتك رأسًا على عقب. البحث في كل زاوية من المحفظة شيء سهل. لكنك لا زلت تعجز عن إيجاد العملات. في هذه الحالة عليك افتراض أن العملات غير موجودة بعد الآن. كذلك فقط، في الـ27.753 تكرار توصلت إلى استنتاج (لا يمكنني الحصول على الصندوق من كازوكي هوشينو)."
تجهمت أوتوناشي سان في وجهي للحظة ثم ابتعدت عني.
"حسنًا إذن، انتهى العرض الجانبي. ألا زلت تريد قول شيء؟"
"...أجل! هذا سبب تحدثي معكِ في المقام الأول."
عليّ قولها.
لقد قررت. لقد قررت. لقد قررت أن أدافع عن الفصل الرافض.
أوتوناشي-سان التي قتلت موغي-سان في مرات لا تحصى، سأجعلها ـــ
"سأجعلكِ يا أوتوناشي-سان، بل، أيا أوتوناشي ــــ"
"ـــــ عدو؟"
"ـــــ هاه؟!"
تنبأت بحركتي الجريئة لمعارضتها بسهولة. وما زالت غير مهتمة وتريد أن تتجاهلني.
حين رأتني عاجزًا عن الكلام ومصدومًا من أعماق قلبي، تنهدت. والتفتت إلي على مضض.
"هوشينو، ألا زلت لا تفهم؟ كم من الوقت تعتقد أني قضيته معك أيها الفتى الغبي؟ هذا ليس إلا نمط آخر تكرر بالفعل لدرجة أني سئمت منه. من المستحيل ألا أتنبأ بما سيحدث، أليس كذلك؟"
"مـ ـ ماذا ـــــ"
أقمت بفعل حركة جريئة كهذه لمرات لا تحصى؟
لما كانت في كل مرة غير مجدية تمامًا؟
"بالمناسبة، دعني أخبرك شيئًا آخرًا. حتى لو فكرت بمقاومتي، وحاولت الحفاظ على ذكرياتك في كل تكرار؛ في نهاية المطاف ستتخلى عن المقاومة. أنا متأكدة تمامًا."
"مـ ـ مستحيل ــــ"
بعد كل شيء، هذا يعني أني سأوافق على قتلها لموغي-سان؛ سأُقْدم على محو مشاعري اتجاه موغي-سان.
"لست قادر على تصديقي؟ أتريد أن أخبرك السبب الذي سمعته منك مرات عديدة قبلًا؟"
عضضتُ شفتيّ.
أوتوناشي-سان اعتبرت أن المحادثة قد انتهت وذهبت بعيدًا.
"لقد تجاوزت أكثر من 20.000 تكرار بدون مشكلة. سأمنحك الفضل في ذلك."
رفعتُ رأسي بعفوية.
أهي للتو (اعترفت) بي؟ أوتوناشي-سان؟
"انتظري لحظة."
هناك شيء آخر عليّ السؤال عنه، مهما حصل.
أوتوناشي-سان أدارت رأسها ناحيتي.
"توقفتِ عن محاولات استرجاعك للصندوق مني، صحيح؟"
"أجل. ألم أقل ذلك؟"
"إذن ما الذي تخططين لفعله من الآن فصاعدًا؟"
لا تغيير في تعابير أوتوناشي-سان. لا زالت تنظر إلي مباشرة بدون تفادي التقاء نظراتنا.
نظرتها المباشرة المستقيمة تجبرني على إخفاض عينيّ كرد فعل.
"آه ـــــ"
في تلك اللحظة... ابتعدت أوتوناشي-سان بدون قول شيء آخر.
بدون الإجابة على سؤالي.
*
لم تعد أوتوناشي-سان إلى الفصل بعد ذلك ـــ ربما ذهبت إلى المنزل.
الحصة الخامسة هي الرياضيات. لا يسعني فهم المعادلات على الفور، على الرغم من كونهم قد مروا عليّ أكثر من مليون مرة بالفعل. بدلًا من ذلك. أراقب موغي-سان طوال الوقت.
أسأهجر موغي-سان؟ أسأتخلى عن مشاعري تجاهها بإرادتي؟
لا. غير ممكن. لا يهم ما كانت تفكر به نفسي القديمة.
نفسي الحالية لن تتخلى عن موغي-سان. هذا كل ما يهم.
الحصة الخامسة انتهت.
توجهت على الحال لموغي-سان. لاحظتني ونظرت إليّ أيضًا بعينيها اللوزيتين. تصلب جسدي كالحجارة. فقد قلبي إيقاعه المعتاد.
بالنظر إليها فقط. يوضح أن الشيء الذي أوشك على إخبارها به مميزٌ حقًا.
إنه فعل لن أقوم به أبدًا في أيام حياتي العادية.
لكن لا يمكنني إيقاف ذلك. لا يمكنني التفكير بأي طريقة أخرى للحفاظ على ذكرياتي.
لا يمكنني التفكير بطريقة أخرى غير الاعتراف إلى موغي-سان.
"...موغي-سان"
أظن أن وجهي غريب جدًا الآن. نظرت موغي-سان إليّ بفضول وأمالت رأسها.
"إيرر، هناك ما أود قوله لـ ـــ"
(رجاءًا انتظر إلى الغد)
"ـــــ آه"
صورةٌ بادرت إلى ذهني. صوتٌ بدأ بشكل تعسفي في رأسي. إحساسٌ واضحٌ وللغاية لامعٌ ينتابني، مؤلمٌ كطعنة زجاج في عينيّ وأذنيّ وعقلي.
صدري يضرب بقوة، كما لو أنه يُضرب بمطرقة.
لـ ـ لا ــــ
لا أريد التذكر. حتى ولو كنت لا أريد التذكر. حتى ولو كنت أريد محو ذكرياتي مرارًا وتكرارًا، إلا أنها لا تختفي. على الرغم من مقدرتي على نسيان أي ذكريات أخرى، مهما بلغت أهميتها، إلا أن هذه الذكريات لا يمكنني نسيانها.
أجل، هذا صحيح ـــ
منذ وقت طويل ـــ اعترفت بالفعل لموغي-سان.
"...ما الخطب؟"
".......آسف، لا شيء."
وضعت مسافةً بيننا. رفعت موغي-سان حاجبيها بارتياب لكن لم تسألني أكثر من ذلك.
عدت إلى مقعدي وتركت جزء جسدي العلوي ينهار على الطاولة.
"......فهمت."
الآن حين أفكر بالأمر، إنه واضح. فبعد كل شيء، أعدت هذا اليوم أكثر من 20.000 مرة.
اعترفت لموغي-سان. لكني نسيت. لذا اعترفت ثانيةً. لكني نسيت مجددًا. لأجل مقاومة الفصل الرافض، قمت بهذا الاعتراف الذي لم أرد القيام به، مرة بعد مرة بعد مرة، ونسيت لمرات عديدة.
وفي كل مرة أتلقى فيها الجواب، أرغب في تجنب سماعه.
نفس الشيء دائمًا. نفس الإجابة دائمًا. حسنًا، من المستحيل تغيُّرها. موغي-سان لا يسعها الحفاظ على ذكرياتها وهكذا إجابتها لا تتغير.
تلك الإجابة ــــ
"رجاءًا انتظر إلى الغد."
هذا فظيع. هذا الغد الذي تتحدثين عنه لن يأتي أبدًا.
اتخذت قرارًا منقطع النظير، أن أستعيد الشجاعة التي لم أكن قادرًا عليها، ضغطت على أعصابي إلى الحد الأقصى ـــ لكن في نهاية المطاف، كلماتي الجادة اختفت تمامًا في غياهب النسيان. وها أنا أُجْبَرُ على التعامل مع موغي-سان، التي نسيت اعترافاتي التي لا تحصى.
...فهمت. إنها ليست باطلة فقط.
بل لم يكن هناك شيء لنبدأ منه.
هذا العالم كان فارغًا في البداية. لا قيمة لوجودك في عالم حيث كل شيء يحدثْ؛ يصبح باطلًا. هناك قيمة فقط لأن تكون موجودًا في عالم من الأشياء الجميلة أو القبيحة أو النفيسة أو الرثة أو المحببة أو الكريهة.
لهذا السبب لا وجود لشيء. كل ما هناك هو الفراغ.
الفراغ المراوغ المسمى بالفصل الرافض.
أشعر بالاشمئزاز. أُجبر على التنفس في بيئة مروعة. رغم شعوري المُلِح بضرورة ملئ رئتيّ بالهواء. إلا أني لا أستطيع فعل ذلك، فلن أكون قادرًا على الاستمرار في العيش هنا بعد الآن. لا يمكنني العيش بدون التنفس. لكن إن استمريت في التنفس في الفراغ، سيصبح جسدي فارغًا كذلك. سأصبح أجوفًا كالإسفنج.
أو ـــــ هل فات الآوان لي بالفعل منذ فترة طويلة، هل أصبحت فارغًا بالفعل؟
"ما الخطب كازو-كن؟ أتشعر بالمرض؟"
حين سمعت صوتًا مألوفًا، رفعت رأسي ببطء بينما لا أزال منهارًا على طاولتي. كوكوني تقف قبالتي، متجهمة.
"أصبتَ بالرعاف في حصة الرياضة، صحيح؟ ربما هذا هو السبب؟ إن كنت لا تشعر بخير، فهل علينا الذهاب إلى مكتب الممرضة؟"
"لا حاجة للقلق عليه كيري. أراهن أن سبب مرضه هو الحضن الذي نام عليه وليس رعافه،" قال دايا ذلك. لم ألاحظه، لكني أظن أنه كان يقف بالقرب.
"حضن...؟...آه! فهمت! إذن هذا ما كان عليه الأمر! ماااذا، فقط إعياء حب...."
ثم ابتسمت وضربتني على كتفيّ مشجعة.
"أنـ ـ ـت! أنت أنت! أليس هذا بذيئًا بعض الشيء بالنسبة لك؟ لا تتورط رجاءًا مع شيء ناضج كــــالـــحــــــــب."
"تأثرت بمثل هذا الإغراء البسيط ـــ مثير للسخرية."
"لـ ـ لا! لطالما أحببت ــــ"
توقفت في المنتصف.
كانت هذه زلة حرفية من مستويات عدة. لسبب واحد، سأعترف بمشاعري لموغي-سان إن أكملت ذلك، لكن وراء هذا ــــــ
"ها؟ لم يكن لديك أي مشاعر مميزة لموغي-سان حتى البارحة، أليس كذلك؟"
ــــ لن يكون صحيحًا.
في الواقع، لقد وقعت في حبها اليوم. كانت صحوة مفاجئة مني، على الأقل من وجهة نظر دايا والجميع أيضًا. وهذا هو سبب عدم وجود من يعرف ولعي بها، رغم أن تصرفي يجعله واضحًا للعيان.
"هاي هاي، دايا، يبدو وكأن هذا الشاب قد اعترف توًا بحبه غير المتبادل لكازوكي. أوهيهي."
ابتسمت كوكوني ووخزت دايا بكوعها.
"أجل. في أفضل سيناريو، قد يوفر هذا لي بعض التسلية الإضافية."
"أوهيهي... حب الآخرين لبعضهم ممتع بعد كل شيء! مه، مه. لا تقلق. أوني-تشان تدعمك! سأنصحك وسأساعدك! إن رُفضت سأواسيك! لكن إن نجحت سأقتلك، حيث أني سأكون غاضبة."
"لا داعيَّ للقلق. حين يبدأ الاثنان بالخروج، سأسرقها منه."
"أواا، هذا يبدو ممتعًا! مصائب الآخرين ومثلثات الحب المضطربة! رائع!"
هذان الاثنان قاسيان حقًا، يتجاهلان كوني متعبًا.
حسنًا، لحسن الحظ أن XX ليس هنا. إن كان هنا، فسيدوس على فرصته وسيقود هذه المحادثة بطريقة تجعلها تنتهي بـ ــــــ
"ـــــــ هاه؟"
"مهه؟ ما الخطب كازو-كن؟"
"لا، فقط .... أتساءل أين هو. أيأخذ يوم عطلة؟"
"من الذي تتكلم عنه؟" سأل دايا بنظرة ارتياب.
هذا غريب. اعتقدت أن دايا سيعرف من الذي أتكلم عنه حين قلت ذلك.
"ألا تعلم؟ بطبيعة الحال إنه ـــــــ"
إيرر، من؟
هاه؟ لحظة! أنا .... أنا على وشك قول اسم شخص معين. إذن لماذا لم أنسَ اسمه فحسب، بل وجهه كذلك؟
"...كازو-كن؟ ما الخطب؟ من الذي كنت تتكلم عنه؟"
أشعر بالغثيان، كما لو كنت قد ابتلعت شيئًا نصف سائل ورغوي يجعلني أرغب في التخلص من مريئي. لكني محظوظ لكوني ما زلت قادرًا على الشعور بالاشمئزاز. إن كنت قد ابتلعتها وأخرجتها، فسيختفي XX.
"هـ ـ هاي... كازو-كن!"
لا مشكلة. يمكنني تذكر كل شيء. يمكنني التذكر، الشكر لشعور الاشمئزاز.
"ــــــ هاروكي"
اسم صديقي العزيز. الرفيق الذي تعهد بأن يكون حليفي للأبد.
...كل ما أفعله هو التمسك بقشة، لكني أتمنى على أي حال. أتمنى أن أكون الوحيد الذي نسى هاروكي لسبب ما. لكني حقًا غبي. هذه الأمنية ــــ
"هاي، كازو من ذلك الـ(هاروكي)؟"
ـــــ لن تتحقق أبدًا.
كززت على أسناني لحظة شعوري بهذا الإحساس المزعج. دايا وكوكوني تجهما لتصرفي الغريب.
ذانك الاثنان نسوه ــ رغم أنهم أصدقاء طفولة، يعرفونه لوقت أطول بكثير مني.
حقيقة أن (هاروكي) لا يتواجد هنا تطعنني بلا رحمة، وــــ
"سأذهب للمنزل."
ـــــــ تسبب جرحًا قاتلًا.
وقفت وأخذت حقيبتي، أعطيتهما ظهري وخرجت من الفصل.
لا يسعني تحمل البقاء هنا أكثر.
لما هاروكي ليس هنا؟
أعلم لما. أعلم أن هاروكي أصبح (مرفوضًا).
مِنْ مَن؟ هذا واضح. قطعًا تم رفضه من قبل البطل الذي تسبب في هذا الفصل الرافض.
كل ما فهمته كان خاطئًا. اعتقدت أن الفصل الرافض سيحافظ على سير الحياة اليومية للأبد. كم هذا غبي. من المستحيل أن يكون هناك شيء يعمل بهذه الطريقة. الحياة اليومية تدعى بالحياة اليومية لكونها تسير باستمرار. إن أوقفت سير النهر، سيجتمع الطين ويطليه باللون الأسود. تمامًا كذلك. الرواسب تجمعت هنا كذلك.
آاه، فهمت. أظن أني لاحظت هذه الظاهرة مرات عديدة بالفعل. بغض النظر عن عدد التكرارات التي أتحملها، فإني دائمًا أعيد اكتشاف هذه الحقيقة. ثم أوقف مقاومتي لأيا أوتوناشي.
أيا أوتوناشي ستدمر الفصل الرافض.
وبمعرفتي ما أعرف الآن، لما أوقفها؟
الجرس يرن. لا بد أن أغلب زملائي رجعوا لمقاعدهم الآن.
لذا قبل مغادرة الفصل تجولت في الأنحاء.
مقعدٌ فارغ. مقعدٌ فارغٌ آخر. مقعدٌ فارغٌ آخر. وواحدٌ آخر هناك. آه... لقد أدركت ذلك بالفعل، لكن ليس هناك أحد آخر يجد أن عدد المقاعد الفارغة غريب.
*
قد أكون لاحظت ذلك، لكني تظاهرت بعدم المعرفة؛ حيث أني لا أريد الاعتراف بذلك.
أيا أوتوناشي توصلت إلى استنتاج أنه من الصعب استعادة الصندوق مني.
من المفترض أن يكون من السهل للغاية إنهاء الفصل الرافض في حال كونك تعرف هوية المجرم. لقد مرتْ بـ20.000 تكرار لأجل إعادة الصندوق.
إذن... ما الذي عليها فعله؟
أليس هذا واضحًا؟
أطرافي تدور بينما أدهس من قبل الشاحنة. إنه لأمر كوميدي رؤية ساقي اليمنى ملقاة بعيدًا عني.
"إذن هنا ينتهي الأمر..."
"وأنا ليس لدي."
رفضتني دون تحريك عين واحدة.
"أوتوناشي-سان."
لا استجابة. فقط تتابع مضغها لشطيرتها بفتور.
يبدو أنها تخطط لتجاهلي مهما كان الذي أقوله. في تلك الحالة كل ما علي فعله هو أن أجعل من المستحيل عليها أن تتجاهلني.
الحافز المناسب بادر إلى ذهني بعد التفكير قليلًا.
"...ماريا."
تعابير المضغ في فمها توقفت.
"لدي ما يحتاج النقاش."
لا زالت لا تنظر إليّ. ولا تقول شيئًا أيضًا.
يخيم على الفصل صمت مميت. زملاؤنا كلهم ينظرون إلينا بينما يحبسون أنفاسهم.
أوتوناشي-سان أخيرًا فقدت صبرها وتنهدت.
"لم أتصور أبدًا أنك ستقول ذلك الاسم. يبدو أنك تذكرت الكثير هذه المرة."
"أجل، لذا ـــ"
"حتى ولو، ليس هناك ما يحتاج النقاش معك."
مرة أخرى بدأت تمضع شطيرتها بسأم.
"لماذا؟"
ركز زملائي عليّ في اللحظة التي بدأت فيه بالصراخ فجأة.
"لماذا؟! ألستُ أنا الشخص الذي عليكِ التعامل معه؟! إذن لماذا لا تحاولين حتى الإنصات إلي!؟"
"لماذا، أنت تسأل؟" سخِرَت. "ألا تعلم بصراحة؟ ها! انظر إليك كيف تتصرف بغباوة مرة أخرى. لم تفكر أبدًا في نفسك. لمَ عليّ التشارك مع شخص كهذا؟"
"...لا أدري كيف تصرفت سابقًا."
"سابقًا؟ ما هذا الحمق! ما الاختلاف فيك الآن؟ أنت نفس الشيء!"
"كيف يمكنك التأكد؟ ربما قد أعرض عليكِ المساعدة. في هذه الحالة ــــ"
"إنه لا يهم في الأساس."
رمت أوتوناشي-سان هذه الكلمات بدون تركي أكمل. كنت على وشك الاعتراض بشكل غريزي. لكن هذا الاعتراض مُحِيَّ بواسطة جملة أوتوناشي-سان التي تلتها.
"لأنك لم تقترح اقتراحك هذا مرتين أو ثلاثة قبلًا."
"إيه ــــ؟"
أنا مندهش للغاية لدرجة أن فكي قد وقع. كشرت فمها بهدوء، أعادت أوتوناشي-سان شطيرتها نصف المأكولة وقالت:
"جيد جدًا. أنا مجبرة على قضاء وقتي في العديد من الأمور العقيمة. هذه ليست المرة الثانية أو الثالثة التي أعطيك فيها تفسيرًا، لكني سأخبرك على أية حال."
أوتوناشي-سان وقفت وبدأت تمشي بعيدًا.
لا خيار لديّ إلا اتباعها بصمت.
*
كالعادة، ساقتني إلى الجزء الخلفي من مبنى المدرسة. وكالعادة، أوتوناشي-سان اتكأت على الحائط.
"سأقول هذا في البداية. لا أريد أن أحظى بمحادثة معك. ستستمع لكلامي فقط كالغبي."
"...أستطيع تقرير ذلك بنفسي."
قلت ذلك لأكون أقل سخافة، لكن أوتوناشي-سان طعنتني بنظرة باردة.
"هوشينو، أتعلم أي تكرار هذا؟ لا، أنت لا تعلم. هذا هو الـ27.753."
هذا الرقم، كلمة بشاعة عاجزة عن وصفه.
"...أقمتِ بالعد على وجه التحديد في كل مرة؟"
"أجل، منذ أنه لا يوجد أي طريقة لتأكيد الرقم إن توقفت عن العد ولو لمرة. إن نسيت فعل ذلك، سأخسر نفسي. وهكذا، دائمًا ما أحافظ على العد."
بالتأكيد أن الأمر سيكون أأمن إن عرفتَ عدد الخطوات التي اتخذتها صوب وجهة مجهولة.
"أعدّتُ كل شيء لمرات عديدة جدًا. جربت بالفعل تقريبًا كل الطرق المحتملة للاقتراب منك. لا أتصور شيئًا لم أجربه بعد."
"هذا هو سبب اعتقادك أن التكلم معي لا طائل منه؟"
"أجل."
"ألن تقنعيني بتسليم الصندوق لكِ حتى؟"
"استسلمت عن ذلك بالفعل منذ مدة طويلة."
"لماذا؟ في نقطة ما من هذه التكرارت، يجب أن أكون متعاونًا مرة واحدة على الأقل."
"أجل، بالطبع. هناك تكرارات حيث عاملتني بعداء، وهناك أيضًا حيث تعاونت. لكن أتعلم ماذا؟ هذا لا يهم. بطريقة أخرى، لم تسلم الصندوق أبدًا."
لم أسلم الصندوق حين كنت متعاونًا؟.... حسنًا، هذا منطقي. فلن أكون هنا (الآن) لو حصلت أوتوناشي سان على الصندوق.
"فقط للتأكد: أنتِ متأكدة أن لديّ الصندوق، صحيح؟"
"كان هذا جدالًا داخليًا مستمرًا. لكن استنتاجي يكون دائمًا واحد. كازوكي هوشينو هو، وبدون أي شك، المالك."
"لما تعتقدين ذلك؟"
"ليس هناك الكثير من المشتبهين كما تظن. الشرح الكامل سيأخذ وقتًا طويلًا لذا سأختصر ذلك: من المستحيل للمشتبهين المحتملين أن يخدعوني 27.253 مرة. وبالتالي أنت المالك المحتمل الوحيد. علاوة على ذلك، هناك أدلة عرضية حتمية لا تمت للفصل الرافض بصلة، أليس كذلك؟"
كانت محقة ـــ لقد التقيت حديثًا بموزع الصندوق ــــ (*).
"مهما يكن، أنت لم تسلم الصندوق أبدًا. بالأحرى، لا يمكنك ذلك. وضعت عليكِ علامة كمالك للصندوق لأكثر من 20.000 تكرار."
"لذا استسلمتِ."
هذه أوتوناشي سان التي قد تبذل أي جهد في الحصول على الصندوق؟
"لم أستسلم. أنا فقط لا يمكنني الحصول على الصندوق. لنفترض أنك تبحث عن 100 ين التي من المفترض أن تكون في محفظتك، لكنك لا تتمكن من إيجادها مهما حاولت قلب محفظتك رأسًا على عقب. البحث في كل زاوية من المحفظة شيء سهل. لكنك لا زلت تعجز عن إيجاد العملات. في هذه الحالة عليك افتراض أن العملات غير موجودة بعد الآن. كذلك فقط، في الـ27.753 تكرار توصلت إلى استنتاج (لا يمكنني الحصول على الصندوق من كازوكي هوشينو)."
تجهمت أوتوناشي سان في وجهي للحظة ثم ابتعدت عني.
"حسنًا إذن، انتهى العرض الجانبي. ألا زلت تريد قول شيء؟"
"...أجل! هذا سبب تحدثي معكِ في المقام الأول."
عليّ قولها.
لقد قررت. لقد قررت. لقد قررت أن أدافع عن الفصل الرافض.
أوتوناشي-سان التي قتلت موغي-سان في مرات لا تحصى، سأجعلها ـــ
"سأجعلكِ يا أوتوناشي-سان، بل، أيا أوتوناشي ــــ"
"ـــــ عدو؟"
"ـــــ هاه؟!"
تنبأت بحركتي الجريئة لمعارضتها بسهولة. وما زالت غير مهتمة وتريد أن تتجاهلني.
حين رأتني عاجزًا عن الكلام ومصدومًا من أعماق قلبي، تنهدت. والتفتت إلي على مضض.
"هوشينو، ألا زلت لا تفهم؟ كم من الوقت تعتقد أني قضيته معك أيها الفتى الغبي؟ هذا ليس إلا نمط آخر تكرر بالفعل لدرجة أني سئمت منه. من المستحيل ألا أتنبأ بما سيحدث، أليس كذلك؟"
"مـ ـ ماذا ـــــ"
أقمت بفعل حركة جريئة كهذه لمرات لا تحصى؟
لما كانت في كل مرة غير مجدية تمامًا؟
"بالمناسبة، دعني أخبرك شيئًا آخرًا. حتى لو فكرت بمقاومتي، وحاولت الحفاظ على ذكرياتك في كل تكرار؛ في نهاية المطاف ستتخلى عن المقاومة. أنا متأكدة تمامًا."
"مـ ـ مستحيل ــــ"
بعد كل شيء، هذا يعني أني سأوافق على قتلها لموغي-سان؛ سأُقْدم على محو مشاعري اتجاه موغي-سان.
"لست قادر على تصديقي؟ أتريد أن أخبرك السبب الذي سمعته منك مرات عديدة قبلًا؟"
عضضتُ شفتيّ.
أوتوناشي-سان اعتبرت أن المحادثة قد انتهت وذهبت بعيدًا.
"لقد تجاوزت أكثر من 20.000 تكرار بدون مشكلة. سأمنحك الفضل في ذلك."
رفعتُ رأسي بعفوية.
أهي للتو (اعترفت) بي؟ أوتوناشي-سان؟
"انتظري لحظة."
هناك شيء آخر عليّ السؤال عنه، مهما حصل.
أوتوناشي-سان أدارت رأسها ناحيتي.
"توقفتِ عن محاولات استرجاعك للصندوق مني، صحيح؟"
"أجل. ألم أقل ذلك؟"
"إذن ما الذي تخططين لفعله من الآن فصاعدًا؟"
لا تغيير في تعابير أوتوناشي-سان. لا زالت تنظر إلي مباشرة بدون تفادي التقاء نظراتنا.
نظرتها المباشرة المستقيمة تجبرني على إخفاض عينيّ كرد فعل.
"آه ـــــ"
في تلك اللحظة... ابتعدت أوتوناشي-سان بدون قول شيء آخر.
بدون الإجابة على سؤالي.
*
لم تعد أوتوناشي-سان إلى الفصل بعد ذلك ـــ ربما ذهبت إلى المنزل.
الحصة الخامسة هي الرياضيات. لا يسعني فهم المعادلات على الفور، على الرغم من كونهم قد مروا عليّ أكثر من مليون مرة بالفعل. بدلًا من ذلك. أراقب موغي-سان طوال الوقت.
أسأهجر موغي-سان؟ أسأتخلى عن مشاعري تجاهها بإرادتي؟
لا. غير ممكن. لا يهم ما كانت تفكر به نفسي القديمة.
نفسي الحالية لن تتخلى عن موغي-سان. هذا كل ما يهم.
الحصة الخامسة انتهت.
توجهت على الحال لموغي-سان. لاحظتني ونظرت إليّ أيضًا بعينيها اللوزيتين. تصلب جسدي كالحجارة. فقد قلبي إيقاعه المعتاد.
بالنظر إليها فقط. يوضح أن الشيء الذي أوشك على إخبارها به مميزٌ حقًا.
إنه فعل لن أقوم به أبدًا في أيام حياتي العادية.
لكن لا يمكنني إيقاف ذلك. لا يمكنني التفكير بأي طريقة أخرى للحفاظ على ذكرياتي.
لا يمكنني التفكير بطريقة أخرى غير الاعتراف إلى موغي-سان.
"...موغي-سان"
أظن أن وجهي غريب جدًا الآن. نظرت موغي-سان إليّ بفضول وأمالت رأسها.
"إيرر، هناك ما أود قوله لـ ـــ"
(رجاءًا انتظر إلى الغد)
"ـــــ آه"
صورةٌ بادرت إلى ذهني. صوتٌ بدأ بشكل تعسفي في رأسي. إحساسٌ واضحٌ وللغاية لامعٌ ينتابني، مؤلمٌ كطعنة زجاج في عينيّ وأذنيّ وعقلي.
صدري يضرب بقوة، كما لو أنه يُضرب بمطرقة.
لـ ـ لا ــــ
لا أريد التذكر. حتى ولو كنت لا أريد التذكر. حتى ولو كنت أريد محو ذكرياتي مرارًا وتكرارًا، إلا أنها لا تختفي. على الرغم من مقدرتي على نسيان أي ذكريات أخرى، مهما بلغت أهميتها، إلا أن هذه الذكريات لا يمكنني نسيانها.
أجل، هذا صحيح ـــ
منذ وقت طويل ـــ اعترفت بالفعل لموغي-سان.
"...ما الخطب؟"
".......آسف، لا شيء."
وضعت مسافةً بيننا. رفعت موغي-سان حاجبيها بارتياب لكن لم تسألني أكثر من ذلك.
عدت إلى مقعدي وتركت جزء جسدي العلوي ينهار على الطاولة.
"......فهمت."
الآن حين أفكر بالأمر، إنه واضح. فبعد كل شيء، أعدت هذا اليوم أكثر من 20.000 مرة.
اعترفت لموغي-سان. لكني نسيت. لذا اعترفت ثانيةً. لكني نسيت مجددًا. لأجل مقاومة الفصل الرافض، قمت بهذا الاعتراف الذي لم أرد القيام به، مرة بعد مرة بعد مرة، ونسيت لمرات عديدة.
وفي كل مرة أتلقى فيها الجواب، أرغب في تجنب سماعه.
نفس الشيء دائمًا. نفس الإجابة دائمًا. حسنًا، من المستحيل تغيُّرها. موغي-سان لا يسعها الحفاظ على ذكرياتها وهكذا إجابتها لا تتغير.
تلك الإجابة ــــ
"رجاءًا انتظر إلى الغد."
هذا فظيع. هذا الغد الذي تتحدثين عنه لن يأتي أبدًا.
اتخذت قرارًا منقطع النظير، أن أستعيد الشجاعة التي لم أكن قادرًا عليها، ضغطت على أعصابي إلى الحد الأقصى ـــ لكن في نهاية المطاف، كلماتي الجادة اختفت تمامًا في غياهب النسيان. وها أنا أُجْبَرُ على التعامل مع موغي-سان، التي نسيت اعترافاتي التي لا تحصى.
...فهمت. إنها ليست باطلة فقط.
بل لم يكن هناك شيء لنبدأ منه.
هذا العالم كان فارغًا في البداية. لا قيمة لوجودك في عالم حيث كل شيء يحدثْ؛ يصبح باطلًا. هناك قيمة فقط لأن تكون موجودًا في عالم من الأشياء الجميلة أو القبيحة أو النفيسة أو الرثة أو المحببة أو الكريهة.
لهذا السبب لا وجود لشيء. كل ما هناك هو الفراغ.
الفراغ المراوغ المسمى بالفصل الرافض.
أشعر بالاشمئزاز. أُجبر على التنفس في بيئة مروعة. رغم شعوري المُلِح بضرورة ملئ رئتيّ بالهواء. إلا أني لا أستطيع فعل ذلك، فلن أكون قادرًا على الاستمرار في العيش هنا بعد الآن. لا يمكنني العيش بدون التنفس. لكن إن استمريت في التنفس في الفراغ، سيصبح جسدي فارغًا كذلك. سأصبح أجوفًا كالإسفنج.
أو ـــــ هل فات الآوان لي بالفعل منذ فترة طويلة، هل أصبحت فارغًا بالفعل؟
"ما الخطب كازو-كن؟ أتشعر بالمرض؟"
حين سمعت صوتًا مألوفًا، رفعت رأسي ببطء بينما لا أزال منهارًا على طاولتي. كوكوني تقف قبالتي، متجهمة.
"أصبتَ بالرعاف في حصة الرياضة، صحيح؟ ربما هذا هو السبب؟ إن كنت لا تشعر بخير، فهل علينا الذهاب إلى مكتب الممرضة؟"
"لا حاجة للقلق عليه كيري. أراهن أن سبب مرضه هو الحضن الذي نام عليه وليس رعافه،" قال دايا ذلك. لم ألاحظه، لكني أظن أنه كان يقف بالقرب.
"حضن...؟...آه! فهمت! إذن هذا ما كان عليه الأمر! ماااذا، فقط إعياء حب...."
ثم ابتسمت وضربتني على كتفيّ مشجعة.
"أنـ ـ ـت! أنت أنت! أليس هذا بذيئًا بعض الشيء بالنسبة لك؟ لا تتورط رجاءًا مع شيء ناضج كــــالـــحــــــــب."
"تأثرت بمثل هذا الإغراء البسيط ـــ مثير للسخرية."
"لـ ـ لا! لطالما أحببت ــــ"
توقفت في المنتصف.
كانت هذه زلة حرفية من مستويات عدة. لسبب واحد، سأعترف بمشاعري لموغي-سان إن أكملت ذلك، لكن وراء هذا ــــــ
"ها؟ لم يكن لديك أي مشاعر مميزة لموغي-سان حتى البارحة، أليس كذلك؟"
ــــ لن يكون صحيحًا.
في الواقع، لقد وقعت في حبها اليوم. كانت صحوة مفاجئة مني، على الأقل من وجهة نظر دايا والجميع أيضًا. وهذا هو سبب عدم وجود من يعرف ولعي بها، رغم أن تصرفي يجعله واضحًا للعيان.
"هاي هاي، دايا، يبدو وكأن هذا الشاب قد اعترف توًا بحبه غير المتبادل لكازوكي. أوهيهي."
ابتسمت كوكوني ووخزت دايا بكوعها.
"أجل. في أفضل سيناريو، قد يوفر هذا لي بعض التسلية الإضافية."
"أوهيهي... حب الآخرين لبعضهم ممتع بعد كل شيء! مه، مه. لا تقلق. أوني-تشان تدعمك! سأنصحك وسأساعدك! إن رُفضت سأواسيك! لكن إن نجحت سأقتلك، حيث أني سأكون غاضبة."
"لا داعيَّ للقلق. حين يبدأ الاثنان بالخروج، سأسرقها منه."
"أواا، هذا يبدو ممتعًا! مصائب الآخرين ومثلثات الحب المضطربة! رائع!"
هذان الاثنان قاسيان حقًا، يتجاهلان كوني متعبًا.
حسنًا، لحسن الحظ أن XX ليس هنا. إن كان هنا، فسيدوس على فرصته وسيقود هذه المحادثة بطريقة تجعلها تنتهي بـ ــــــ
"ـــــــ هاه؟"
"مهه؟ ما الخطب كازو-كن؟"
"لا، فقط .... أتساءل أين هو. أيأخذ يوم عطلة؟"
"من الذي تتكلم عنه؟" سأل دايا بنظرة ارتياب.
هذا غريب. اعتقدت أن دايا سيعرف من الذي أتكلم عنه حين قلت ذلك.
"ألا تعلم؟ بطبيعة الحال إنه ـــــــ"
إيرر، من؟
هاه؟ لحظة! أنا .... أنا على وشك قول اسم شخص معين. إذن لماذا لم أنسَ اسمه فحسب، بل وجهه كذلك؟
"...كازو-كن؟ ما الخطب؟ من الذي كنت تتكلم عنه؟"
أشعر بالغثيان، كما لو كنت قد ابتلعت شيئًا نصف سائل ورغوي يجعلني أرغب في التخلص من مريئي. لكني محظوظ لكوني ما زلت قادرًا على الشعور بالاشمئزاز. إن كنت قد ابتلعتها وأخرجتها، فسيختفي XX.
"هـ ـ هاي... كازو-كن!"
لا مشكلة. يمكنني تذكر كل شيء. يمكنني التذكر، الشكر لشعور الاشمئزاز.
"ــــــ هاروكي"
اسم صديقي العزيز. الرفيق الذي تعهد بأن يكون حليفي للأبد.
...كل ما أفعله هو التمسك بقشة، لكني أتمنى على أي حال. أتمنى أن أكون الوحيد الذي نسى هاروكي لسبب ما. لكني حقًا غبي. هذه الأمنية ــــ
"هاي، كازو من ذلك الـ(هاروكي)؟"
ـــــ لن تتحقق أبدًا.
كززت على أسناني لحظة شعوري بهذا الإحساس المزعج. دايا وكوكوني تجهما لتصرفي الغريب.
ذانك الاثنان نسوه ــ رغم أنهم أصدقاء طفولة، يعرفونه لوقت أطول بكثير مني.
حقيقة أن (هاروكي) لا يتواجد هنا تطعنني بلا رحمة، وــــ
"سأذهب للمنزل."
ـــــــ تسبب جرحًا قاتلًا.
وقفت وأخذت حقيبتي، أعطيتهما ظهري وخرجت من الفصل.
لا يسعني تحمل البقاء هنا أكثر.
لما هاروكي ليس هنا؟
أعلم لما. أعلم أن هاروكي أصبح (مرفوضًا).
مِنْ مَن؟ هذا واضح. قطعًا تم رفضه من قبل البطل الذي تسبب في هذا الفصل الرافض.
كل ما فهمته كان خاطئًا. اعتقدت أن الفصل الرافض سيحافظ على سير الحياة اليومية للأبد. كم هذا غبي. من المستحيل أن يكون هناك شيء يعمل بهذه الطريقة. الحياة اليومية تدعى بالحياة اليومية لكونها تسير باستمرار. إن أوقفت سير النهر، سيجتمع الطين ويطليه باللون الأسود. تمامًا كذلك. الرواسب تجمعت هنا كذلك.
آاه، فهمت. أظن أني لاحظت هذه الظاهرة مرات عديدة بالفعل. بغض النظر عن عدد التكرارات التي أتحملها، فإني دائمًا أعيد اكتشاف هذه الحقيقة. ثم أوقف مقاومتي لأيا أوتوناشي.
أيا أوتوناشي ستدمر الفصل الرافض.
وبمعرفتي ما أعرف الآن، لما أوقفها؟
الجرس يرن. لا بد أن أغلب زملائي رجعوا لمقاعدهم الآن.
لذا قبل مغادرة الفصل تجولت في الأنحاء.
مقعدٌ فارغ. مقعدٌ فارغٌ آخر. مقعدٌ فارغٌ آخر. وواحدٌ آخر هناك. آه... لقد أدركت ذلك بالفعل، لكن ليس هناك أحد آخر يجد أن عدد المقاعد الفارغة غريب.
*
قد أكون لاحظت ذلك، لكني تظاهرت بعدم المعرفة؛ حيث أني لا أريد الاعتراف بذلك.
أيا أوتوناشي توصلت إلى استنتاج أنه من الصعب استعادة الصندوق مني.
من المفترض أن يكون من السهل للغاية إنهاء الفصل الرافض في حال كونك تعرف هوية المجرم. لقد مرتْ بـ20.000 تكرار لأجل إعادة الصندوق.
إذن... ما الذي عليها فعله؟
أليس هذا واضحًا؟
أطرافي تدور بينما أدهس من قبل الشاحنة. إنه لأمر كوميدي رؤية ساقي اليمنى ملقاة بعيدًا عني.
"إذن هنا ينتهي الأمر..."
يتبع
ترجمة ومراجعة: DANDA
الفصل السابق | فهرس الفصول | الفصل التالي |
---|
شكرا على الترجمة
ردحذفالفراغ 😭😭😭😭
ردحذف