لايت نوفل Utsuro no Hako to Zero no Maria الفصل 35

اعتقدت أن المطر لن يتوقف أبدا في ذلك اليوم.

توجهت إلى المشفى عقب أن أخبرني دايا بحادث موغي-سان، وأخذت إذنا بالغياب عن المدرسة. عليّ أن أستقل سيارة أجرة منذ أن المشفى التي هي فيها خارج المدينة. هذا كان تصرفا استثنائيا بالنسبة لي، بالنظر للأولوية التي أضعها لحياتي المسالمة.

لكن عليّ ذلك. منذ أنني حاربت الفصل الرافض، عليّ أن أعرف النتيجة.

لم يضربني أحد في المشفى، ولا حتى عائلتها. بعد أن ظنوني حبيبها، انتظرت مع عائلتها بينما هي تحت عملية.

العملية نجحت... كما يبدو. لكن موغي-سان لم تستعد وعيها ذلك اليوم.

حيث أنني كنت ممنوعا من دخول وحدة العناية المركزة، فتمكنت من رؤيتها أخيرا بعد يومين. حينئذ، كانت قد تم نقلها إلى الجناح العام.

موغي-سان تستلقي على سريرها، تبدو مثيرة للشفقة بعض الشيء. أصوات جهاز تخطيط القلب والتنفس الاصطناعي جعلت طبلتيّ أذني تهتزان. تم تثبيت قدميها وذراعيها في مكانهما، وجهها كان مغطى بالكدمات ومحلول الوريد حوَّل إحدى يديها للون البنفسجي.

رؤية الجسد الوحيد الجريح لأحد أعرفه في المشفى جعلني على وشك البكاء. لكني أعرف أني لم أكن الوحيد الذي أراد البكاء. لم يكن مسموحا لي أن أبكي أمامها. حبست دموعي ونظرت إلى وجهها محدقا لقليل من الوقت.

بدت موغي-سان متفاجئة بعض الشيء حين رأتني. لست متأكدا حقا، فهي لم تحرك أي عضلة من عضلات وجهها.

أخبرتني عائلتها أنها قد استعادت وعيها، لكنها بسبب الصدمة، لم تتفوه ببنت كلمة بعد.

لكن موغي-سان فتحت فمها وحاولت إخباري بشيء بكل ما أوتيت من قوة. أخبرتها ألا تجهد نفسها، لكنها تجاهلتني وحاولت الحديث بكل الطرق.

اسوَدَّ قناع موغي-سان للأكسجين جراء أنفاسها، ووجّههت كلماتها الأولى إليّ.

"ــــــ أنا سعيدة جدا. لقد نجوت."

لم أتمكن من فهمها جيدا، لكن هذا ما بدا أنها تقول.

انفجرت موغي-سان باكية بعد قول ذلك. لا فكرة لديّ عما عليّ فعله، لذا تركت نظراتي تتجول. حقيبتها القذرة موجودة بجانب سريرها، رأيت شيئا فضيا بداخلها. عرفت ما كان، وكما أملت علي غريزتي، ذهبت والتقطت الشيء الفضي المجعد غلافه. لقد كان أومايبو بنكهة برغر الترياكي، متجعد وليس جديدا كما كان. بينما كنت ألمسه بدون تفكير، فجأةً لم أعد قادرا على حبس دموعي أكثر وانفجرت باكيا.

لم أكن أعرف لماذا بدأت أبكي في تلك اللحظة. أذكر أنها أعطتني ذلك الأومايبو في العالم الآخر، لكن لا يمكنني تذكر سبب فعلها ذلك.

لكن دموعي كانت حقيقية

وبعد ذلك زرت غرفتها التي في الجناح الرئيسي العديد من المرات. كانت موغي-سان تحاول التصرف بابتهاج قدر الإمكان حين كنا نتحدث.

أخبرتني موغي-سان ذات مرة: "بينما كنت فاقدة لوعيي، حلمت حلما طويلا،" على ما يبدو تعتقد أن كل ذلك كان حلما.

جالت فكرة ما ذهني فجأة. موغي-سان لم تستطع الهروب من مصير الدهس من الشاحنة في ذلك العالم. ونجاتها المتكررة في كل مرة لم تتغير كذلك. قد يكون هذا سبب بقاء الفصل الرافض سليما، مهما كانت المرات التي تدهس فيها.

رغم أنها نجت، إلا أن الجزء السفلي من جسدها كان مشلولا. دمرت ضربة في ظهرها حبلها الشوكي، لذا احتمالية الشفاء التام لم تكن ميؤوسة فحسب، بل كان في الواقع مستحيلا.

لا فكرة لدي حول كيفية التصرف، لذا بقيت صامتا فحسب. قالت موغي-سان، لتجسير الصمت القاتل:

"كنت أؤمن دائما أن في موقف كهذا، من الأفضل أن أكون ميتة. أنت تعرف السبب، أليس كذلك، هوشينو-كن؟ لن أكون قادرة على المشي بقدميّ الاثنتين بعد الآن، وحتى شيء أساسي كشراء القليل من الحلويات من المتجر الذي بالجوار لن يكون قرارا هينا لي بعد الآن. سيكون باستطاعتي فعلها إن اعتمدت على شخص آخر أو إن أخذت كرسيي المتحرك. كل أنواع المصاعب فقط لشراء حلويات! أليس هذا قاسيا؟ لكنه غريب بطريقة ما. لا أفكر في الانتحار مطلقا. أتساءل لماذا؟ أعتقد، حقا، من أعماق قلبي ــــ"

ــــــ أني مسرورة لكوني على قيد الحياة.

موغي-سان قالت هذا بدون أدنى تلميح بأنها كانت تخادع أو تكذب.

"لذا أنا على ما يرام. لن أترك المدرسة أيضا. مهما كان الوقت الذي يتطلبه الأمر، أنا سأتعافى. ربما لن أكون قادرة على ارتياد نفس المدرسة مثلكم يا رفاق، لكني لن أستسلم."

ابتسمَت ولوحت بذراعها لي.

لقد كان الأمر محرجا للاعتراف، لكن في تلك اللحظة انفجرت باكيا أمامها. كنت سعيدا. سعيدٌ أن أمنيتها الأكثر أهمية قد تم تحقيقها.

ــــ أيمكنني فعل شيء لك؟

سألتها ذلك بصدق تام، لأني أردت مساعدتها بأكبر قدر ممكن.

موغي-سان بدأت تقول، "أنا جد سعيدة أنك عرضت" ثم أكملت خجلة،

"أريد منك الحفاظ على مكان لي لكي أعود. أريد منك بناء مكان لي لأحيا مرة أخرى."

ـــــ مرة أخرى؟ هل سبق وبنيت مكانا لك؟

".....لقد بنيت في ذلك الحلم الطويل الذي حلمته."

بعد ذلك الرد، أبعدت موغي-سان عينيها لسبب ما.

*

أنا في احتفال الدخول المعقود في النادي.

جال شيء ما في ذهني بينما كان هاروكي يتنهد ويئن أثناء خطاب المدير الاحتفالي.

"بالمناسبة، هاروكي، كنت على وشك إخباري شيئا ما هذا الصباح؟"

"مه؟... آاه، صحيح! صحيح! سمعت بعض الإشاعات التي تقول أن هناك فتاة لطيفة للغاية بين الطلاب الجدد!"

صفع هاروكي كتفيَّ وغمز لي.

"حسنا، إذن أنا غير مهتم. كطالب أكبر منها فليس لدي أي سبب للحديث معها على أي حال."

"أأنت أبله؟! مجرد قدرتك على مشاهدة فتاة لطيفة هو سعادة بحد ذاتها!"

لا أريد التصديق أن هذه كيفية تفكير الرجل العادي.

"لكن متى سمعت بهذه الشائعة؟ اليوم هو المرة الأولى التي سنرى فيها طلاب السنة الأولى، أليس كذلك؟"

"العجائب لا تسكن أبدا! إنها أخبار دايان!"

"دايا؟"

لا يمكنني تصديق هاروكي حقا. لم أسمع دايا قط يتكلم عن الفتيات بهذه الطريقة.

"أنت لا تصدقني، أليس كذلك؟ لكن هناك سبب لمعرفة دايان! أنت تعرف أنه قد ارتكب خطأين فحسب في امتحان القبول، صحيح؟"

"أجل، دائما ما يتفاخر بأنه سجل رقما قياسيا في المدرسة."

"ذلك الرقم القياسي تم تحطيمه بعد سنة واحدة فحسب!" قال هاروكي بسعادة عظيمة. إنه يائس... لكن يمكنني تفهم استمتاعه.

"إيرر؟ ما دخل هذا بمعرفة دايا لهذه الفتاة اللطيفة؟"

"إنك بليد جدا جدا، هوشي. ما أقوله هو أن الفتاة اللطيفة قد حطمت رقمه القياسي بإحرازها علامة كاملة في كل المواد. بعض المدرسين أخبروا دايا بهذا، منذ أن دايا كان الحامل السابق للرقم القياسي. المعلم قال أيضا، أنها كانت جد جميلة لدرجة أنه حتى كبالغ، شعر بالاضطراب بوجودها."

هذه مجرد مبالغة. لمَ سيشعر بالاضطراب بينما هو من الواضح قد مرَّ بتجارب أكثر من أي طالب في الثانوية؟

انتهى خطاب المدير الاحتفالي بينما كنا نتكلم.

شغل المسؤول الميكروفون.

"شكرا جزيلا لك أيها المدير... لنمضي قدما في تقديم خطاب ممثل الطلاب الجدد ـــ"

"أخيرا ـــ فرصة لرؤية تلك الحسناء التي باتت حديث الجميع!"

فهمت. منذ أنها الطالبة المتفوقة، فهي الطالبة الجديدة المختارة للخطاب.

حتى أنا أصبحت مهتما بعض الشيء، لذا أخذت في النظر حولي.

"ممثلة الطلاب الجدد ــــ ماريا أوتوناشي."

ماريا ـــ أوتوناشي؟

اسمٌ يبدو مألوف بشكل كبير إليّ ...لا،لا. لا يمكن هذا. ماريا كانت تدعى أيا أوتوناشي، في الأخير.

"نعم."

لكن هذا الصوت هو صوتها قطعا. إنه صوت ماريا.

آاه، فهمت. لقد فهمت أخيرا.

’إن نسيت، فتذكر الآن. اسمي ماريا‘


هاه. إذن لقد كانت تقول الحقيقة في ذلك الوقت.

...أوه؟ إذن لقد كنت أدعو ماريا طوال هذا الوقت باسمها الأول...؟ أواا! أواااااا!

"...لماذا تحمَر بكاملك. هوشي؟"

اعتلت المنصة برقي أكبر من أي أحد. بكونها قد عاشت أكثر من أي أحد آخر هنا، فهي فعلا تمتلك حضورا ضخما.

مشهدها لوحده جعل الجميع يتهامس.

وجهٌ أعرفه بشكل جيد. الوجه الذي كان جانبي لفترة طويلة من الزمن.

إنها ترتدي زيا جديدا تماما.

أجل، ما هذا إلا مجرد خطأ عادي ــــ لم يحدث وأن فكرت أبدا أنها ستصبح أصغر مني.

بينما تقف على المنصة، أجالت ماريا بعينيها النظر. عيناها التقت بعينيّ. ونظراتها المتجولة توقفت عليّ لسبب ما.

ثم ابتسمَت.

شُلَّ جسدي على الفور تماما.

بدأت ماريا خطابها بدون أن تطلق سراحي من نظراتها. حتى أشغب الطلاب هدؤوا بمجرد سماع صوتها المهيب.

"أليست تنظر هنا؟ أوه تبا، ربما وقعت في حبي؟"

كان هاروكي يلقي نكاتا، لكني كنت مسحوبا بنظرات ماريا لدرجة أني لم أكن قادرا على الرد.

أنظر إلى ماريا فقط.

ماريا تنظر إلي فقط.

"ــــ وهكذا، أختم خطاب الطلاب الجدد. كان هذا خطاب ممثلة الطلاب الجدد، ماريا أوتوناشي."

خطت ماريا خطواتها بعيدا عن المنصة.

وحالما فعلت ذلك، أخذ الطلاب بالصخب مجددا. لا، ليس الطلاب فحسب ــــ حتى المعلمون كانوا منفعلين.

لكني، بدون أي شك، أكثر شخص مرتبك في هذه القاعة.

ذلك لأن ماريا لم تعد إلى مكانها الأصلي، وبدلا من ذلك توجهت مباشرة نحوي.

وبشكل آلي ابتعد الطلاب عن طريقها، تطردهم هالتها ذات القوة النافذة. استغلت ماريا هذا بشكل تام واتخذت طريقا مباشرا نحوي.

إنها تصنع ممرا مباشرا بيننا.

آاه، جيز. ألا زالت تخفق في التخلص من عاداتها من ذلك العالم؟ قد يكون التصرف بدون تحفظ لا بأس به هناك، لكن العالم الواقعي لا يسري بتلك الطريقة، أليس كذلك؟

لاحظت فعلا أن حياتي اليومية على وشك التدمر.

"هاهاــــ"

لكني أضحك، رغم ذلك.

هذا مزعج حقا.

هذا مزعج حقا، لكن لا... بطريقة ما لا يبدو أنه بذلك الإزعاج.

في النهاية، الطلاب أمامي تحركوا جانبا. هاروكي أيضا ابتعد عني. ماريا وأنا تحيطنا مساحة خالية، وكأننا في وسط إعصار.

في منتصف تلك المساحة الواسعة الشاسعة، تقف أمامي مباشرة.

ظننت أننا لن نلتقي مجددا أبدا.

ولكن بالتفكير ثانية، من المستحيل ألا تنضم إلي.

ففي الأخير، هدفها أن تكسب الصندوق. لا تمتلك خيار سوى أن ترافقني أنا الذي يستهدفني O.

ابتسمت ماريا، وبدأت الحديث.

"أنا في جانبك دائما مهما مر الزمن ــــ هذا كيف أعلنت الحرب عليك، ذات مرة، لكن يبدو أن حربنا لم تضع أوزارها بعد."

بعد أن أنهت حديثها، قدمت نفسها مرة أخرى.

"أنا ’ماريا أوتوناشي.‘ سررت بمقابلتكم."

الطالبة الجديدة انحنت بعمق، تماما كما فعلت ذات مرة منذ زمن طويل.

وكرَدٍّ قمت بالتصفيق، تماما كما فعلت ذات مرة منذ زمن طويل.

ثم بدأ هاروكي بالتصفيق بدون فهم الموقف إطلاقا. بدأ شخص آخر بالتصفيق مسحوبا بتصفيقه. رغم أني أنا وماريا الوحيدان اللذان يفهمان ما جرى للتو، تعالى التصفيق أكثر فأكثر.

في خضم هذا التصفيق العظيم، رفعت ماريا رأسها.

لكنها لا تبتسم بعد الآن.

قبضتاها محكمتان، تقف أمامي والعزيمة الملتهبة تشتعل في عينيها.

نهاية الكتاب الأول

يتبع في الكتاب الثاني

ترجمة ومراجعة: DANDA

بما أننا سننهي المجلد الأول من #HakoMaria، إليكم بعض من تعليقات المؤلف ميكاجي:

أعيش في سايتاما، مقاس حذائي 24.5 سم، فمن الصعب إيجاد حذاء رجالي بهذا المقاس. في أحد الأيام ذهبت مع بعض الأصدقاء للعب البولينغ، وحذائي الذي استأجرته كان الوحيد المطبوع عليه Hello Kitty. سحقا لهذا.

— Danda (@Tr_Danda) June 10, 2020

الفصل السابق	فهرس الفصول	الفصل التالي