لايت نوفل Utsuro no Hako to Zero no Maria الفصل 39
الأول من مايو
الأول من مايو (الجمعة) 08:14
تجاهلت كوكوني تحية الصباح غير الرسمية التي حييتها بها اليوم.
إنها تتصرف بغرابة واضعة مسافة بيننا. لا زالت تتحدث مع الآخرين رغم أنها عادة ما تقفز متدخلة في محادثاتي. وفي الوقت ذاته، تختلس نظرة إليَّ من حين لآخر، محدقةً بي بنظرة مخيفة للغاية فوق كل هذا.
لا أدري ما الذي يحدث ـــ لا فكرة لدي عن سبب تصرفها هكذا فجأة. وحيث أني لا أرغب بالحديث مع الأصدقاء الآخرين في ظل تصرف كوكوني بغرابة، فقررت محاولة البقاء على الهامش بالتركيز على مضغي للأومبايو بطعم الجبنة.
"هل فعلت شيئا لكيري؟"
كما هو متوقع من دايا. تجاهل ما أبديه من إشارات خفية سائلا إياي بصراحة.
"...لا فكرة لدي عما حصل."
"فهمت... حسنا، دعني أخبرك شيئا جيدا."
أيعرف سبب موقف كوكوني الغريب؟
"كما تعرف، حين كانت كيري ستقدم أول اختبار نصفي لها في المرحلة الإعدادية، كانت حريصة جدا على إحراز درجات جيدة لدرجة أن الأمر انتهى بها بالسهر طوال ليلة الاختبار. وبسبب ذلك نامت خلال الاختبار الثالث. لم يكن الأمر سيكون ملاحظا لو نامت بهدوء، لكن ذلك لم يحدث؛ ثرثرتها أصخبت الفصل الذي كان هادئا جدا رغم أنها كانت نائمة. إن كنت أتذكر جيدا، كانت تقول شيئا على غرار ’زر البدلة هذا يجعلها ضيقة جدا، لن أرتديها أبدا...‘"
"دايا... ما الذي تتكلم عنه بحق باسط الأرض؟"
"مم؟ عن نقطة ضعفها، بالطبع. الأمر يتطلب منها الكثير من الوقت لكره أحدهم، لذا الآن فرصتك لتظهر لها جانبها السيء وتطردها من حياتك. إن ذكَّرتها بتلك القصة الآن، فطردها سيكون بسهولة شرب الماء!"
"احم، ولمَ سأرغب بفعل ذلك...؟ جانبا عن ذلك، أليست هذه القصة في غاية اللطافة فعليا؟"
"لا، هنا حيث يتوقف الأمر عن كونها لطيفة وتبدأ لتصبح مضحكة. استمع إليَّ بينما أمتعك بأسطورة كوكوني ولعابها السائل!"
أصبح لدي شعور سيء حيال القصة التي سيحكيها دايا، فغطيت آذاني بدون التلفظ ببنت كلمة، لكن دايا نزع يديّ.
"توقف، لقد اكتفيت!"
"لا يا رجل، انسَ هذه القصة الآن ـــ وانظر هناك!"
نظرت إلى الاتجاه الذي يشير إليه دايا. أوتوناشي-سان تحادث طالبا عند الباب. وكلاهما يبدو في غاية الجدية.
الطالب الذي تتحدث معه هو ريو ميازاكي، أحد زملائي الذي أصبح رئيس الفصل. نظاراته ذات الإطار الأسود مرفوعة فوق رأسه، عيناه لوزيتان حادتان، ولديه مظهر الشخص المثقف. على عكس دايا الذي انتُخِبَ لدرجاته المتفوقة، فإن ميازاكي-كن أدى مهامه على أكمل وجه، لكن بينما قد يكون طالبا مثاليا، إلا أنه ليس صارما متزمتا، وهذا على الأرجح سبب شهرته.
اقتربت منهما مترددا، بصراحة أواجه بعض المشاكل في التعامل مع ميازاكي-كن ذي الموقف الواثق.
حين سألت: "...ما الخطب؟" أدارا وجهيهما لي.
"أوه، كازوكي. هذا الفتى منعني من دخول الفصل."
"بالطبع! ما خطبك، تتجولين في فصل طلاب أكبر منك؟ تبا، إنه ليس وقت الغداء حتى!"
الآن بعد ذكره لهذا، فإن أوتوناشي-سان لا تأتي هنا إلا في استراحة الغداء. ربما لأنها تعير قوانين المدرسة اهتماما طفيفا، بدلا من تجاهلها بالكامل.
"تخططين لأخذ هوشينو لمكان ما مجددا، صحيح؟"
"ما أفعله مع كازوكي أمر لا يعنيك."
"لكنه يعنيني. أنا رئيس الفصل هنا، أحببتِ ذلك أم لا. هذا يعني أن علي إبقاء عيني على زملائي، فهمتِ؟ الحصة الأولى على وشك البدء؛ إن أخذتِه بعيدا الآن، فلن يتمكن من الرجوع في الوقت."
"لا أكترث، لدينا ما هو أهم بكثير لنعتني به."
للحظة ما، لم أكن أعرف ما الذي تقصده، لكن بالتفكير ثانية، فهناك أمر واحد جال في ذهني.
ــــ لا بد أنه يخص الصندوق.
هذا أمر في غاية الأهمية بالنسبة لي أيضا.
"امم... أنا آسف، ميازاكي-كن، لكني سأذهب معها." قولي لهذا جعله يحدق بي عن قرب بتكشيرة على وجهه. تراجعت خطوة بشكل انعكاسي، مرتعبا من نظرته الحادة.
"إذن أنت تفعل كل ما تقوله لك؟"
"هـ-هذا ليس ما أقوله."
"أنت مخنث بالتأكيد، ألست كذلك؟ هل سبق وفكرت في امتلاك خططك وأفكارك الخاصة بدلا من اتباع فتاة كأنك كلبها؟"
قاطعته أوتوناشي-سان: "هاي، راقب كلماتك. وكأنك تقول أن كازوكي لا إرادة لديه."
تبسم ميازاكي-كن رادا: "آه، سامحيني أرجوك. هل شعرتِ بالإهانة لأنني شتمت حبيب قلبك؟ آه، أم هل انزعجتِ لأنني قلت أنكِ تأمرين هوشينو على الدوام؟"
عبست أوتوناشي-سان ببرود في وجهه: "ميازاكي ــــ"
كتم ضحكته قائلا: "ماذا؟ إن أردتِ الاعتراض ــــــ"
"تصرفك يثير الريبة."
كلمات أوتوناشي-سان أسكتت ميازاكي-كن.
"وضعك كرئيس للفصل ذريعةٌ في غاية الضعف لتتدخل في شؤوننا. لم يكن يبدو وكأنك كنت تهتم بنا ولو قليلا قبلا، صحيح؟ لمَ غيرت موقفك فجأة؟ ما الذي تحاول فعله بالاقتراب منا بشكل محموم؟ أهي محاولة لإيجاد عذر يجعلك تقتحم في شؤوننا؟"
"...ما الهراء الذي تتفوهين به؟"
"حسنا إذن. تصرفك لفت نظري فقط لأنني حساسة جدا للبيئة المحيطة بي في هذا الوقت. لا يصح للمرء أن يكون في غاية الحذر أبدا، حتى ولو كنت تنوي على شيء ما، فهذا الحديث سينبهك."
شاهدت قتالهما اللفظي صامتا مذهولا. لماذا تتحدث هكذا فجأة؟
أمسكت أوتوناشي-سان يدي قائلة: "كازوكي، لنذهب."
"آه، حسنا..."
حدق ميازاكي-كن في يدي بتعبير شبه غضبان بينما يتم جرِّي. في الواقع اقترابه منا كان عدوانيا قليلا أكثر من الطبيعي.
بينما يتم سحبي خارج الفصل، قابلنا هاروكي وأسامي-سان. كان هاروكي عائدا من الحمام وأسامي-سان كانت تلاحق أوتوناشي-سان.
"أوه، ما الخطب هوشي؟ في حالة فرار؟"
"..في حالة فرار.."
عقب سماع أسامي-سان تعليق هاروكي العابر، ركزت نظرتها على يدينا المتشابكتين. رفعت رأسها قليلا لتنظر إليّ بعينين ضيقتين. ...أنا خائف.
"أوه، ما الخطب ريكوتشي؟ إنكِ تتصرفين بغرابة اليوم."
ظلت تحدق فيّ بدون أن تظهر انزعاجا من ذلك اللقب، ذلك الانزعاج الذي تبديه عادة.
"أ-أسامي-سان كانت تتصرف بغرابة قليلا منذ البارحة... صحيح يا هاروكي؟"
"مم؟ حقا؟"
هاروكي، كم مقدار الهواء في رأسك الذي يجعلك تنسى ما حدث منذ يوم مضى؟
"...ماريا-سان."
قالت أوتوناشي-سان لأسامي-سان بينما نظرت إليها نظرة عابرة والتفتت: "آسفة، لكننا في عجلة من أمرنا."
أطرقت أسامي-سان عينيها للأسفل مصدومة من موقف أوتوناشي-سان وتمتمت...
"...ليت مجلس المدرسة يحصل على صور مذلة وقذف وطعن في كازوكي هوشينو يدمر كرامته كاملا..."
لا تخرجي غضبكِ عليّ!
تعليقات