لايت نوفل Utsuro no Hako to Zero no Maria الفصل 53
الثاني من مايو (السبت) 10:00
نظرت إلى كل ما في مجال رؤيتي، أستجمع المعلومات وأستعيد هويتي ككازوكي هوشينو. السماء. الأسمنت. الأسفلت. الرمال. ماريا أوتوناشي. يدي. كازوكي هوشينو. هذا المكان يقع خلف بناية المدرسة. أنا ـــ نفسي.
أصبحت معتادا على الأمر، حيث أنني قد بدلت هويتي عدة مرات بالفعل. لكن ولأني اعتدت على الأمر تحديدا أدركت أن ما أواجهه ليس إلا موتا مؤقتا.
أختفي كليا خلال الوقت الذي لا أكون فيه نفسي. لا تراودني الأحلام حتى. هذا ’موت‘ يقترب مني الخطوة فالخطوة. إن لم أدمر سابع ليلة في الوحل بحلول الخامس من مايو فسأختفي للأبد. بعبارة أخرى ’سأموت‘.
"كازوكي؟" الفتاة التي أمامي سألتني. أومأت صامتا، لكني أدركت أن هذا لن يكون كافيا وأضفت: "أجل، أيا."
نظرت أوتوناشي-سان إلى ساعتها وتجهمت.
لاحظت غيتارا كهربائيا رثا يرتكز على قدمها.
"هذا الشيء؟ جلبته من نادي الموسيقى الهادئة."
إنه غيتار عتيق جدا، لكن نظرا إلى أن كل خيوطه جديدة، فأفترض أنه يتم استعماله عادةً.
...أراهن على أنها أخذته دون إذن.
" أتعرف؟ كنت أعبث بالغيتار داخل الفصل الرافض لقتل الوقت."
أخذت أوتوناشي-سان الغيتار الكهربائي وبدأت العزف. إنها جد بارعة بالفعل. على نقيضي أنا الذي بالكاد أعزف F-chord. سرعان ما توقفت ومدت الغيتار إلي.
"إيه؟"
"اعزف. أعرف أنك تلقيت غيتار أختك بعد استعمالها له."
"آه، لا... لا أستطيع العزف جيدا. أتعرفين؟"
"لا أكترث. فلتعزف على الغيتار بينما أتحدث. إن فعلت ذلك فسأعرف متى ستبدل إلى يوهي إيشيهارا."
فهمت. إذن هذا سبب جلبها لهذا الغيتار.
أنا عازف جد سيء للغيتار، ولذا فإن هذا محرج نوعا ما، لكني بدأت أعزف تدريجيا أغنية مشهورة لفرقة روك كلاسيكي أتذكرها من كتاب التدريب خاصتي.
"إني منذهل من معرفتك لكوني تلقيت غيتار أختي."
ردت بكل جرأة: "ليس هناك ما لا أعرفه بشأنك."
"...هل نسيتِ شيئا كنتِ قد تعلمته داخل الفصل الرافض يا أيا؟" هذا السؤال خطر فجأة على بالي ولذا سألتها إياه أثناء متابعتي العزف بشكل أخرق.
"مه طيب، أذكر كل شيء. لا... لأكون دقيقة، فإني قطعا نسيت بضع الأشياء؛ فقد كان هناك تكرار كبير لأحداث متشابهة. لكني جوهريا أذكر كل شيء."
تجهمت أوتوناشي-سان في وجهي.
"أربما كانت تجربتك مختلفة؟"
"أجل، لا أذكر الكثير. ذكرياتي آنذاك متفلتة، ليست أكثر من لقطات وصور مشوشة. الأمر كما هو الحال مع عدم استطاعتكِ تذكر وجه كل من تمرين به في المدينة."
اتسعت عينا أوتوناشي-سان بعدما سمعت ما لدي ووقفت متصلبة تماما.
"إيه؟ ما الخطب؟"
"آه، لا ــــ"
شعرت بارتباد أكبر مما يبدو أنها تشعر به عقب ملاحظتي اضطرابها الواضح.
"إذن فأنت لا تذكر شيئا تقريبا مما فعلناه معا داخل الصندوق؟"
"ح-حسنا، أجل."
"لقد... فهمت..."
ظلت أوتوناشي-سان صامتة لسبب ما. نظرت إليها منتظرا منها التحدث لكنها سرعان ما أبعدت عينيها.
"الأمر أصبح معقولا بالكامل الآن وقد ذكرت ذلك. من المحال احتفاظك بذكرياتك كما فعلت أنا، لأنك لست المالك. فهمت، باتت كل الأمور منطقية الآن. وهذا سبب ــــ" تابعت متمتمة ومبعدة عينيها: "ــــ هذا سبب مناداتك لي بأيا."
"إيه؟"
"لا تكترث."
استعادت أوتوناشي-سان ثقتها بنفسها وعبست في وجهي:
"هاي، كازوكي. لقد أوقفت العزف."
رجعت أعزف مسرعا وبدأت الأغنية من جديد لأني نسيت الموضع الذي توقفت عنده.
"جيـــز، لم أستطع الدخول في صلب الموضوع لأنك كنت تثرثر بالترهات."
"آسف. إذن فلنعد إلى القضية؟"
"...هِم، لنرَ. نظرا لكوني لا زلت جاهلة حيال أمر تصديق أم تكذيب يوهي إيشيهارا، فإني سأضع ذلك جانبا الآن. أريد مناقشة أمر هذا الصندوق الجديد بينما أنا متأكدة من كونك ’كازوكي هوشينو.‘"
أومأت وطلبت منها البدء.
"ينبغي عليك فهم وجود أنواع مختلفة من الصناديق. قد يكون هذا شرحا مغلوطا لكن فقط لإبقاء الأمور مبسطة، فإن هناك صناديق تعمل داخليا وأخرى تعمل خارجيا. فبينما كان الفصل الرافض صندوقا داخليا، فإن سابع ليلة في الوحل هو صندوق خارجي."
"هِم؟ ما الفرق؟"
"الصندوق الداخلي ينهض إن كان المالك يعتبر أمنيته مستحيلة التحقق في العالم الواقعي. على سبيل المثال، كازومي موغي - مَن كانت مالكة الفصل الرافض - لم تكن تؤمن بإمكان استرجاع الماضي؛ ولهذا قامت بخلق فضاء لا وجود له في العالم الواقعي حيث يمكنها الإيمان بأمنيتها. أقحمت موغي زملاءها ونفسها في صندوق يمكنها الإيمان به أن أمنيتها ممكنة."
أومأت بينما أتابع عزف الغيتار.
"الصندوق الخارجي ينهض إن كان المالك يؤمن بإمكانية تحقق أمنيته في العالم الواقعي. يبدو أن مالك سابع ليلة في الوحل يؤمن بإمكانية تحقق أمنيته من خلال قوة الصندوق. وبالفعل قد يبدو السيطرة على جسد أحدهم معقولا في العالم الواقعي، ما يعني أنه لا حاجة لخلق فضاء خاص خارج الواقع. وهذا له علاقة بعدم تمكني من فهم هذا الصندوق حتى الآن."
"سيكلفني فهم هذا بعض الوقت، لكن... باختصار، فإن الصندوق سيصبح خارجيا إن كنتِ تؤمنين بإمكانية تحقق أمنيتك في العالم الواقعي والعكس مع الداخلي؟"
"أجل، هذا ما هو عليه الأمر بشكل أو بآخر. إن قمنا بتقييم الصناديق عدديا من 10، فإن الفصل الرافض سيحصل على 9 باعتبار كونه داخليا، وسابع ليلة في الوحل سيحصل على 4 باعتبار كونه خارجيا. كلما زاد تقييم الصندوق الخارجي، كلما كبُر تأثيره على الواقع."
واضحٌ أن تأثير الفصل الرافض كان لا وجود له تقريبا؛ نظرا لعدم تمكن الطلاب الذي أقحموا فيه من تذكره حتى.
بعبارة أخرى، أيعني هذا أن سابع ليلة في الوحل مختلف أمره؟
"آه ـــــ"
أدركت قسوة طبيعة وضعي الحالي.
إني منبوذ من قبل جميع زملائي. وأضف إلى ذلك أن علاقتي مع دايا وكوكوني وهاروكي تم إفسادها.
"إذن ــــ إذن ـــــ، حياتي اليومية المخربة ــــ"
"بالضبط، لن ترجع."
اليد التي كنت أعزف بها الغيتار توقفت.
الصوت الصادر من الغيتار تلاشى.
لن ترجع؟ حياتي اليومية لن ترجع؟ حياتي اليومية ستظل مهدَّمة بفعل شيء خارق؟
إذن ـــ لا وجود لها بعد الآن.
ما أردت استرداده لا وجود له بعد الآن.
في اللحظة التي أدركت فيها هذا، اسودَّ ناظري كما لو أن كل أقباس الكهرباء لهذا العالم تم إطفاؤها بنقرة واحدة. أعني أنه لا هدف لي بعد الآن. تدميري للصندوق أمر عقيم.
لم أتمكن من رؤية شيء إطلاقا.
لا أكترث بعد الآن.
أخذت أترنح. قالت أوتوناشي-سان شيئا ولم أرد. لا فكرة لدي عما قالته أو عما قلته، لا أكترث.
أريد الصراخ.
لكن حتى وإن صرخت، لا أحد يمكنه إنقاذي.
تعليقات